انتقاء حسب

أحدث التقارير

رسالة اخبارية

لتلقي آخر الأخبار المتعلقة بدائرة المحاسبات عبر بريدك الإلكتروني

12.02.2021 / تمويل الاقتصاد و التنمية التقرير السنوي العام الثاني والثلاثون

تمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي

ملخص التقرير
تحميل

 تمويل الجمعيات في إطار التعاون الدولي  

 

شهد الإطار القانوني المنظّم للجمعيات مراجعة جوهرية منذ سنة 2011 من خلال إصدار المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرّخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الجمعيات (في ما يلي المرسوم عدد 88 لسنة 2011) وذلك في اتجاه تكريس حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها والنشاط في إطارها تدعيما لدور مؤسسات المجتمع المدني وتطويرها والمحافظة على استقلاليتها. وتعلّقت أهم الأحكام التي أتى بها المرسوم باعتماد نظام التصريح لتأسيس الجمعيات وبحرية قبولها للتبرعات والهبات والوصايا، وطنية كانت أو أجنبية(1)، والتصرّف فيها وبتحميلها التزامات قصد إضفاء الشفافية على تصرفها. واستثنى المرسوم عدد 88 لسنة 2011 من أحكامه الجمعيات التي تخضع لأنظمة قانونية خاصة.

 

وينصّ دستور الجمهورية التونسية الصادر في 27 جانفي لسنة 2014 في فصله الخامس والثلاثون على أنّ حرية تكوين الجمعيات مضمونة وعلى أن تلتزم الجمعيات في أنظمتها الأساسية وفي أنشطتها بأحكام الدستور والقانون وبالشفافية المالية ونبذ العنف. واعتبر مخطط التنمية للفترة 2016-2020(2) النسيج الجمعياتي قطاعا قائما بذاته وشريكا هاما لمؤازرة المجهود الوطني الرامي إلى تجذير قيم المواطنة وتأمين انخراط مختلف الشرائح الاجتماعية في المسار التنموي وتحقيق توازن تنموي بين الجهات.

 

وشهدت الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020 إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة بلغت ذروتها خلال سنتي 2011 و2012 بإحداث على التوالي 2088 و2868 جمعية ليرتفع بذلك عدد الجمعيات بتاريخ 10 مارس 2020 إلى 23320 جمعية حسب المعطيات المتوفرة لدى مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات. وتمثّل الجمعيات المتواجدة بولايات تونس الكبرى حوالي 32% من العدد الجملي للجمعيات.

 

ويعتبر التمويل الأجنبي أحد مصادر الدعم المتاحة للجمعيات بموجب المرسوم عدد 88             لسنة 2011 سالف الذكر، إذ بالإضــافة إلى تعدد مصادره المتأتية من دول ومؤسســــــات ومنظمــــــــات وهيئات إقلــــيمية ودولية، تتــــعدد كذلك أساليب هذا الدعم والتمويل سواء من خلال توجيه الدعم المباشر للجمعيات دون المـــــرور بالــــــهياكل العمومية أو في إطار اتفاقيات تعاون دولي أو مخططات إطاريــــــــة للتعـــــــــاون مبرمـــــة بين الدولـــــــة التونسية والــجهات المـــــانحة لتمويل بــــــرامج تنصــــــهر ضمــــنها مشاريع أو أنشطــــة

 

يُعهد تنفيذها كليا أو جزئيا لجمعيات معيّنة مقابل حصولها على مبالغ مالية تصرف لها من قبل الممول وفق مقتضيات الاتفاقيات المذكورة.

 

وترمي المهمة الرقابية التي تناولت الدعم المالي الأجنبي الذي انتفعت به الجمعيات في إطار اتفاقيات تعاون دولي أبرمتها الدولة التونسية مع شركائها بصفة ثنائية أو متعددة الأطراف إلى النظر في مدى وجود نظام معلومات يضفي الشفافية على هذا الصنف من التمويلات من خلال توفير بيانات دقيقة وشاملة وحينية حولها وفي مدى إحكام برمجة برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتصرف فيها ومدى توفق الجمعيات في تنفيذ ما عهد لها به بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة منها.

 

وتغطي الفترة الرقابية برامج ومشاريع التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تم تنفيذ أنشطتها خاصة خلال الفترة 2015-2019.

 

وتندرج هذه المهمة الرقابية في إطار تفعيل أحكام الفصلين 13 و153 من القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أفريل 2019 والمتعلّق بمحكمة المحاسبات والذي تتولى بمقتضاهما المحكمة تقدير نتائج المساعدة الاقتصادية أو المالية مهما كان شكلها التي تمنحها الدولة للجمعيات والتي تكتسي على الأخصّ شكل منحة أو إعفاء جبائي أو اختصاص أو ضمان فضلا عن التأكد من مدى مطابقة المنح للأحكام القانونية ومن مدى استخدامها في الأغراض المخصصة لها وفقا لمتطلبات حسن التصرف باعتبار أنّ التمويلات التي تصرف لفائدة الجمعيات في إطار برامج التعاون الدولي تمثّل في الواقع هبات لفائدة الدولة التونسية التي تسهر على تنفيذها ومتابعتها أساسا من خلال عضويتها للهياكل المحدثة لقيادة البرامج والتصرف فيها.

 

وشملت الأعمال الرقابية الميدانية أهم الهياكل العمومية المتدخلة في تنظيم قطاع الجمعيات وفي مسار إبرام اتفاقيات التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات وتنفيذها ومتابعتها والمتمثّلة أساسا في رئاسة الحكومة والوزارة المكلّفة بالتعاون الدولي ووزارة الشؤون الخارجية ومركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات إضافة إلى الوزارات القطاعية المكلّفة بالمرأة وبالشؤون الثقافية وبالفلاحة والصيد البحري والموارد المائية وبالبيئة والتي تم انتقاء برامج التعاون الدولي التي تشرف عليها بناء على أهمية الدور الموكول إلى الجمعيات في تنفيذها والتمويلات التي  تحصّلت عليها في الغرض.

 

كما تم الحصول على معطيات من البنك المركزي التونسي ووزارة التكوين المــهني والـــــتشغيل ووزارة الشــــــــؤون الاجتماعية والـمركز الوطـــــــني لسجل المــــؤسسات. فـــــضلا عن ذلك، تـــــم توجيه استبيان لمــــا

عدده 59 جمعية تم انتقاؤها باعتبار أهمية التمويلات التي تحصّلت عليها لتنفيذ مشاريع أو أنشطة في إطار اتفاقيات التعاون الدولي استجابت منها 22 جمعية تولت إلى موفى جوان 2020 تقديم المعطيات والبيانات والوثائق المطلوبة لمحكمة المحاسبات. وبلغت التمويلات الأجنبية لهذه الجمعيات خلال الفترة 2015-2019 حوالي 124 م.د.

 

وأفضت الأعمال الرقابية إلى الوقوف على ملاحظات تعلقت أساسا بعدم توفر معطيات شاملة وحينية وموثوق بها حول التمويلات الأجنبية التي تتحصل عليها الجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون الدولي وعدم التزام الجمعيات المعنية أحيانا بمقتضيات الشفافية وبنقائص تشوب حوكمة برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات ومتابعتها وتنفيذ أنشطتها من قبل الجمعيات.

 


أبرز الملاحظات

 

- نظام المعلومات

  

لا تتوفّر معطيات شاملة ودقيقة حول حجم التمويلات الأجنبية التي استفادت بها الجمعيات حيث آلت أعمال محكمة المحاسبات إلى أنّ البيانات التي أفاد بها البنك المركزي التونسي بهذا الخصوص بعنوان سنتي 2017 و2018 والتي ترتفع على التوالي إلى 27,668 م.د وإلى 17,078 م.د لا تمثّل تباعا سوى 41% و22% من حجمها المحتسب حسب المعطيات المتوفرة لدى المحكمة والذي لا يقل على التوالي عن 68 م.د و78 م.د.

 

وأدى ضعف متابعة برامج التعاون الدولي من قبل وزارة الشؤون الخارجية والوزارة المكلفة بالتعاون الدولي إضافة إلى محدودية التنسيق بينهما إلى عدم تحديد مبلغ التمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار التعاون الدولي بالدقة اللازمة فضلا عن تشتت المعلومات المتوفرة في الغرض بين مصالح الوزارتين.

 

كما لا تتوفر لدى وزارة الشؤون الخارجية بيانات بخصوص التمويلات التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون الدولي التي تولت الوزارة إبرامها على غرار المشاريع الممولة من جمهورية ألمانيا الاتحادية ومن الجمهورية التركية ومن دولة قطر.

 

ومن ناحية أخرى، لم تلتزم 566 جمعية بإعلام الكتابة العامة للحكومة بتلقيها تمويلات أجنبية المصدر ونشر التفاصيل المتعلقة بها بإحدى وسائل الإعلام. ولا تتوفر لدى الكتابة العامة للحكومة الآليات الضرورية للتفطن لكل المخالفات المرتكبة بهذا الخصوص وتسليط العقوبات المستوجبة وهو ما يثبته عدم علمها بتمويلات أجنبية للجمعيات لا تقل مبالغها عن 31,8 م.د.

 

ولم تلتزم 10 جمعيات من بين 22 جمعية أجابت على الاستبيان بمسك سجل المساعدات والتبرعات والهبات فضلا عن أنّ الكتابة العامة للحكومة لم تتلق تقارير مراقبي الحسابات لما عدده تباعا 84 و88 جمعية من بين 93 جمعية و90 جمعية ثبت لمحكمة المحاسبات تجاوز تمويلاتها الأجنبية 100 أ.د خلال سنتي 2017 و2018 وذلك في غياب توفّر الآليات التي تمكّن الكتابة العامة للحكومة من التفطن إلى الإخلالات المذكورة.

 

 

             وتستدعي النقائص المذكورة وضع إطار ملزم لجميع الأطراف المتدخلة للتنسيق فيما بينها لضبط مبلغ التمويلات الأجنبية التي تتحصل عليها الجمعيات بصفة حينية وشاملة وبرامج التعاون الدولي التي تندرج في إطارها ولمتابعة احترام الجمعيات المعنية للالتزامات المحمولة عليها.

 

الحوكمة

 

لم تلتزم لجان قيادة 4 برامج للتعاون الدولي بالدورية المحدّدة لاجتماعاتها. وكان على الوزارة المكلّفة بالتعاون الدولي باعتبارها المنسق الوطني لهذه البرامج أن تحرص على انعقاد هذه اللجان ضمانا لحسن تنفيذ البرامج.

 

ولا تتضمن اتفاقيات التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات دائما آليات واضحة لمتابعتها مما انجر عنه عدم متابعة الجهات التونسية تنفيذ المشاريع الممولة في إطارها أو محدودية هذه المتابعة.

 

كما لا تضمن المبادئ التوجيهية لطلب مقترحات المشاريع التي تندرج ضمن برامج التعاون الدولي دائما شفافية إجراءات تفعيل المنافسة لاختيار الجمعيات لعدم تحديدها منهجية تقييم العروض بكل دقة ووضوح.

 

وتُدعى الهياكل العمومية المعنية بتنفيذ برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات إلى الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها في إطار الهياكل المحدثة للقيادة وللتصرف في هذه البرامج فضلا عن الحرص على تضمين الاتفاقيات المتعلقة بها الآليات الضرورية لمتابعتها ولضمان حسن تنفيذها.

 

على صعيد آخر، لا يواكب نشاط مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات نسق تطور عدد الجمعيات وحاجياتها لتنمية قدراتها في استغلال فرص التمويل التي تتيحها برامج التعاون الدولي فضلا عن ضعف عدد الدورات التكوينية التي شملت الجمعيات الناشطة خارج ولايات تونس الكبرى. ويستدعي ذلك تمكين المركز من الوسائل الضرورية للقيام بمهامه على الوجه الأفضل.

 

- تنفيذ المشاريع

 

شهدت عدة مشاريع تأخيرا في انطلاقها تجاوز أقصاه عشر سنوات من إمضاء بروتوكول اتفاق التمويل مما أدى إلى التقليص في المبلغ المخصص للمشروع إلى أقل من الثلث.

وشاب تنفيذ المشاريع من قبل جمعيات إخلالات تعلقت أساسا بالتخلي عن تنظيم دورات تكوينية وتطوير أعمال التسويق وإنجاز تشخيص ميداني تشاركي مبني على النوع الاجتماعي في البلديات أو إنجازها على خلاف السبل المحددة لها من خلال تقليص عدد المستفيدين منها وتغيير أنشطتها وعدم احترام تسلسلها الزمني وهو ما أثّر سلبا على تحقيق الأهداف المحددة لها.

 

كما لوحظ عدم استدامة عدد من المشاريع المموّلة خلال سنتي 2017 و2018 في إطار برنامج دعم الثقافة في تونس ومراكز التعهد بالنساء ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي حيث تم غلق مركز وتراجعت أنشطة  مركزين آخرين.

 

وعلى صعيد آخر، شاب تأدية نفقات المشاريع من قبل الجمعيات إخلالات تعلقت أساسا بتأدية نفقات غير مبررة أو لم يتم إثبات ارتباطها بأنشطة المشروع فضلا عن صرف مبلغ الأجر الشهري الخام للأعوان دون اقتطاع الخصم من المورد المستوجب واستغلال جزء من التمويلات في غير أنشطة المشروع لفترة لا تقل عن ستة أشهر. وقد أدى ذلك إلى التقليص من المنحة المخصصة لأحد المشاريع إلى أقل من النصف.

 

وتُدعى الوزارة المكلّفة بالتعاون الدولي إلى تقييم مختلف برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات بالشراكة مع الوزارات المعنية للوقوف على النقائص التي شابت تنفيذ الجمعيات للمشاريع المموّلة في إطارها ولتثمين الممارسات الفضلى التي من شأنها أن تضمن نجاعة المشاريع وفعاليتها وسلامة التصرف فيها. 

 


             I-  نظام المعلومات
 

 

 

أفضت الأعمال الرقابية إلى الوقوف على عدم شمولية المعطيات والبيانات التي تمكّن من تحديد حجم التمويلات الأجنبية التي استفادت بها الجمعيات في إطار التعاون الدولي ومحدودية الآليات القانونية المتوفرة للتأكد من التزام الجمعيات بمقتضيات الشفافية.

 

أ - المعطيات المتوفرة حول حجم التمويل الأجنبي للجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون الدولي 

 

قصد ضبط حجم التمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها الجمعيات خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2019، تولت محكمة المحاسبات فحص البيانات ذات العلاقة المتحصل عليها من البنك المركزي التونسي والوزارتين المكلفتين بإبرام اتفاقيات التعاون الدولي والوزارات القطاعية المنتفعة بالبرامج.

 

1-           البيانات المتحصل عليها من البنك المركزي التونسي  

 

بناء على المعطيات التي وفّرها البنك المركزي التونسي (فيما يلي البنك المركزي) لمحكمة المحاسبات، تحصلت الجمعيات على حوالي 184 م.د في شكل مساعدات وهبات أجنبية خلال الفترة الممتدة من جانفي 2010 إلى موفى جويلية 2019. وارتفع مبلغ التمويلات الأجنبية للجمعيات من 1,8 م.د خلال سنة 2010 إلى 33,7 م.د خلال الأشهر السبع الأولى من سنة 2019. وخلال الفترة الممتدة من جانفي 2012 إلى موفى جويلية 2019 استأثرت 45 جمعية(1) من بين 1385 جمعية انتفعت بتمويل أجنبي بما نسبته 56% من جملة التمويلات الأجنبية منها 41 جمعية متواجدة بولايات تونس الكبرى وهو ما يعكس تفاوت النسيج الجمعياتي بين الجهات فيما يتعلق بقدرته على استقطاب التمويلات الأجنبية وعلى تصميم المشاريع الجمعياتية وتنفيذها.

 

ومكّن فحص البيانات التي وفرها البنك المركزي من الوقوف على محدوديتها وعدم شموليتها نظرا لعدم تضمنها المعطيات المتعلقة بالتمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها الجمعيات خلال الثلاثي الأخير من سنة 2017 والثلاثي الأول من سنة 2018. وقد أرجع البنك المركزي ذلك لأسباب تقنية كما اقتصرت البيانات التي وفّرها البنك المركزي والمتعلقة بالفترة 2012-2017 على التحويلات المالية الأجنبية التي تمت عن طريق 13 مؤسسة بنكية ولم تشمل 5 بنوك ثبت للمحكمة انتفاع الجمعيات من خلالها بتمويلات أجنبية.

 

وفضلا عن ذلك، تعتبر البيانات التي وفرها البنك المركزي للمحكمة غير قابلة للاستغلال حيث لا تمكّن في غالب الأحيان من التعرف على الجمعية المنتفعة بالتمويل الأجنبي إذ يتم تسجيل اسم الجمعية في كل مرة بطريقة مختلفة أو يتم الاكتفاء بتسجيل جزء من اسمها أو الحروف الأولى منه بحيث تتطابق الأحرف المدرجة أحيانا مع تسمية أكثر من 50 جمعية على غرار تضمّن تسمية 316 و195 جمعية تباعا مفرد أمل ونور. كما شابت البيانات المذكورة أيضا صعوبة في التعرف على الجهة المموّلة بالرغم من أهمية هذه المعلومة في تحديد برنامج التعاون الدولي الذي تندرج في إطاره التمويلات المتحصل عليها من قبل الجمعيات. 

 

وآلت مقاربة البيانات المتحصل عليها من البنك المركزي مع المعطيات التي أفضت إليها الأعمال الرقابية للمحكمة(1) إلى الوقوف على عدم تضمنها تمويلات أجنبية قدرها 29,310 م.د تخص السداسي الثاني من سنة 2018 تعلّقت في حدود 2,816 م.د بفرع جمعية قطر الخيرية بالإضافة إلى تحويلات لفائدة 79 جمعية مبلغها الجملي 26,328 م.د تندرج في إطار البرامج المموّلة من الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة 2013-2019. فضلا عن ذلك، تحصّلت 4 جمعيات(2) خلال الفترة            2012-2019 حسب البنك المركزي على تمويلات بقيمة 12,470 م.د في حين ترتفع هذه التمويلات إلى 32,461 م.د حسب إفادة هذه الجمعيات أي بفارق نسبته 160%.

 

وفي نفس السياق، آلت أعمال المحكمة إلى أنّ حجم التمويلات الأجنبية بلغ بعنوان سنتي 2017 و2018 حسب البيانات التي أفاد بها البنك المركزي على التوالي 27,668 م.د لفائدة 183 جمعية و17,078 م.د لفائدة 153 جمعية في حين يرتفع حجمها المحتسب حسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية برئاسة الحكومة إلى 55,360 م.د لفائدة 238 جمعية في سنة 2017 و58,819 م.د لفائدة 213 جمعية في سنة 2018. علاوة عن ذلك، تعوز الشمولية المعطيات المتوفرة لدى الإدارة العامة المذكورة حيث ثبت للمحكمة عدم تضمّنها مبالغ لا تقل عن 12,5 م.د و19,3 م.د بعنوان تباعا سنتي 2017 و2018 لم يتم أيضا إدراجها ببيانات البنك المركزي. ولا يمثّل بالتالي حجم التمويلات الأجنبية التي استفادت بها الجمعيات المحتسب حسب البيانات التي وفّرها البنك المركزي بعنوان سنتي 2017 و2018 تباعا سوى 41% و22% من حجمها المحتسب حسب المعطيات المتوفرة لدى المحكمة والذي لا يقل عن 68 م.د و78 م.د.

 

وقد أفاد البنك المركزي بهذا الخصوص بأنّه دأب على دعوة البنوك لموافاته بالمعطيات المتعلقة بالتحويلات المتأتية من الخارج بعنوان الهبات والمساعدات والإعانات وإحالتها دون التصرف فيها إلى الكتابة العامة للحكومة استجابة لمراسلتها المؤرخة في 27 سبتمبر 2013 وذلك باعتبار أنّه لا يقوم بجمع هذه المعطيات لممارسة أي من صلاحياته المنصوص عليها بنظامه الأساسي. كما أشار إلى أنّ الوسطاء المقبولين يقومون في بعض الأحيان بمده ببيانات متعلقة بفترة منقضية فيتولى إرسالها مجددا إلى رئاسة الحكومة على غرار جزء من المعطيات المنقوصة المتعلقة بالفترة الممتدة من أفريل إلى ديسمبر 2018 والتي تم مد رئاسة الحكومة بها بتاريخ 17 فيفري 2020.

 

ولتفادي الإشكاليات المتعلقة باستغلال بيانات البنك المركزي، تولت الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية خلال سنة 2018 التنسيق مع هياكل مراقبة الامتثال لما عدده 25 مؤسسة بنكية لمتابعة التدفقات المالية للجمعيات بصفة دقيقة ودورية، غير أنها لم تتلق المعطيات المطلوبة إلا من 15 بنكا فيما امتنعت بقية البنوك عن ذلك. وفي غياب آلية تجبر كل الأطراف المتدخلة على الالتزام بذلك لم تحرص البنوك على مدّ الإدارة العامة المذكورة بالمعطيات المطلوبة بصفة دورية. فعلى سبيل المثال، لم يتول أحد البنوك إلى موفى سنة 2019 مد الإدارة العامة إلا بالمعطيات المتعلقة بالثلاثية الثالثة لسنة 2018 واقتصرت البيانات التي وفرها بنكان آخران على السداسية الثانية      لسنة 2018.

 

ويستدعي عدم توفر معطيات دقيقة وشاملة حول حجم التمويلات الأجنبية للجمعيات وضع إطار يلزم جميع الأطراف المتدخلة في المجال للتنسيق فيما بينها قصد توفير المعطيات بصفة آلية وحينية للهياكل العمومية المعنية بالمجال على غرار الكتابة العامة للحكومة.

 

2-           المعطيات المتوفرة لدى الوزارة المكلّفة بالتعاون الدولي ووزارة الشؤون الخارجية 

 

تتسم المعطيات المتوفرة لدى كل من وزارة الشؤون الخارجية والوزارة المكلفة بالتعاون الدولي حول التمويلات التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار التعاون الدولي بمحدوديتها.

 

فلئن ينص الأمر عدد 1242 لسنة 1984 المؤرخ في 20 أكتوبر 1984 والمتعلق بضبط مشمولات وزارة الشؤون الخارجية على أنّ الوزارة هي الوسيط الرسمي بين البعثات الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية المرتكزة بتونس من جهة وبين المصالح الوزارية والمنظمات التونسية من جهة أخرى، فقد تم الوقوف على حصول جمعيات تونسية على تمويلات مباشرة(1) من السفارات المتواجدة بالبلاد دون المرور بالوسيط الرسمي أو علمه بها أو بحجمها وموضوعها وهو ما تبين من خلال الكشوفات البنكية للتدفقات المالية الأجنبية للجمعيات وتقارير الجهات المانحة على غرار الاتحاد الأوروبي والتي تدرج التمويلات المذكورة في إطار التعاون الدولي مقابل عدم وجود أثر لها لدى الوزارة المذكورة.

 

وأدى ضعف التنسيق بين وزارة الشؤون الخارجية والوزارة المكلفة بالتعاون الدولي إلى عدم حصر برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات وتشتت المعلومات المتوفرة في الغرض بينهما. فعلى سبيل المثال، لا يتوفّر لدى وزارة الشؤون الخارجية معطيات حول تنفيذ3 برامج(2) موضوع اتفاقيات تعاون مبرمة مع الاتحاد الأوروبي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات أبرمتها الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي.

 

ومن جهة أخرى، لا تتولى وزارة الشؤون الخارجية دائما إعلام الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي بالاتفاقيات التي تشرف عليها والتي تبرمها وزارات قطاعية على غرار ما تم بالنسبة إلى اتفاقيتين للتعاون التونسي الإسباني أبرمتهما الوزارة المكلفة بالمرأة. ولئن بررت وزارة الشؤون الخارجية ذلك بالطابع التقني للاتفاقيتين فقد تم الوقوف على تولي الوزارة المكلفة بالمرأة التنسيق مع الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي في ما يتعلق بتنفيذ اتفاقية مماثلة مبرمة مع الجانب الإيطالي مما يستدعي مزيد توضيح الأدوار بين الوزارتين المكلفتين بالتعاون الدولي وبالشؤون الخارجية وتدعيم التنسيق بينهما بخصوص تنفيذ اتفاقيات التعاون الثنائي ومتابعتها.  

 

وفي سياق متصل، لا تتوفر لدى وزارة الشؤون الخارجية دائما بيانات بخصوص التمويلات التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون التي تولت مصالحها إبرامها بالنظر إلى عدم تعهدها بمتابعة التنفيذ وذلك على غرار المشاريع الممولة من حكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية(3) والمتعلقة بالجمعيات المتدخلة في مجالات مكافحة الفساد والإعلام والعدل وحقوق الإنسان بالإضافة إلى المشاريع المموّلة في إطار اتفاق التعاون الفني والتنموي المبرم مع حكومة الجمهورية التركية(4) بتاريخ 11 أكتوبر 2012 وذلك رغم تنصيص هذا الاتفاق على إمكانية قيام الوزارة بعمليات مراقبة خارجية وداخلية بصفة مشتركة أو أحادية. كما لا يتوفر لدى هذه الوزارة معطيات حول البرامج ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تنفذها وكالات منظمة الأمم المتحدة رغم أن الأمر الحكومي عدد 770             لسنة 2018 المنظم للوزارة كلّف إحدى إداراتها صراحة بمتابعة وتنسيق المسائل التي تهم هذه المنظمة وهيئاتها وبرامجها ووكالاتها المختصة.

 

وأفادت وزارة الشؤون الخارجية بأنّها تتابع عن كثب أنشطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأنّها قامت في أكثر من مناسبة بالاتصال بعديد البعثات الأجنبية والمنظمات الدولية المرتكزة بتونس لموافاتها بالمعطيات الضرورية المتوفرة لديها حول التمويلات الأجنبية التي تمنحها للجمعيات في إطار التعاون الدولي، إلا أنّها كانت في أغلب الأحيان تمتنع عن ذلك وتكتفي بمدّها بمعلومات عامة على غرار القيمة الجملية للتمويلات.

 

وفي نفس السياق، لا تتوفر لدى الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي معطيات حول البرامج ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تنفذها وكالات هذه المنظمة وكذلك حول تنفيذ برامج التعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تشرف على تنفيذها وزارات قطاعية على غرار برنامج دعم التشغيل في المناطق الريفية الذي تشرف على تنفيذه وزارة التكوين المهني والتشغيل.

 

ورغم وقوف المحكمة على حصول 70 جمعية على تمويلات بقيمة 11,125 مليون دولار أمريكي خلال الفترة 2015-2019 في إطار التعاون التونسي الأمريكي، فإنّه لا يتوفر لدى الوزارتين المكلفتين بالشؤون الخارجية وبالتعاون الدولي معطيات حولها باستثناء إبرام الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي اتفاقية تعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تغطي 5 سنوات بتاريخ 28 أوت 2019.

 

وعلى صعيد آخر، يمثّل نشر الأوامر الحكومية المتعلقة باستيفاء إجراءات إبرام الاتفاقيات الدولية ذات الصبغة الفنية المنصوص عليها بالفصل 92 من الدستور وبأحكام القانون عدد 29           لسنة 2016 المؤرخ في 5 أفريل 2016 والمتعلق بتنظيم المصادقة على المعاهدات آلية لضمان الإعلام بإبرامها، إلا أنّه تم الوقوف على عدم الالتزام بإصدار أوامر حكومية في شأن اتفاقيات انتفعت في إطارها جمعيات بتمويلات وتعلقت بثلاثة برامج(1) مما لا يساهم في حصر كل برامج التعاون الدولي ذات العلاقة.

 

وتستدعي النقائص بخصوص ضعف التنسيق بين الوزارتين المذكورتين أعلاه وعدم توفر أو تشتت المعطيات المتوفرة لديهما حول برامج التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات، ضرورة العمل على وضع الآليات الكفيلة بتوفير قاعدة بيانات شاملة ومندمجة حول تمويل هذه البرامج وتنفيذها.

 

3-           المعطيات المتوفرة لدى الوزارات القطاعية

 

أفضت الأعمال الرقابية إلى عدم إلمام الوزارات المكلفّة بالمرأة وبالثقافة وبالفلاحة وبالتشغيل والتكوين المهني ببرامج تعاون دولي أشرفت أو شاركت في تنفيذها وتنتفع في إطارها جمعيات بتمويلات.

 

فخلافا لأحكام الأمر عدد 1875 لسنة 1996(1) المنظّم لوزارة الشؤون الثقافية والذي كلف إدارة التعاون الدولي والعلاقات الخارجية بجمع ومتابعة المسائل المتعلقة بالتعاون الدولي التي تهم الوزارة، لا تتوفر لدى هذه الوزارة معطيات حول الجمعيات التي انتفعت بتمويل مشاريعها في إطار برنامجين(2) شاركت في تنفيذهما.

 

وفيما يتعلق بالوزارة المكلّفة بالمرأة، تعوز خارطة المشاريع التي تُدمج النوع الاجتماعي في تونس والتي تم إصدارها في إطار برنامج ترسيخ المساواة بين النساء والرجال في جوان 2018 الشمولية حيث لم تتضمّن 3 مشاريع(3) تعاون دولي شاركت جمعيات في تنفيذها.

 

كما تعوز الشمولية القائمة التي وفّرتها الوزارة المكلفة بالفلاحة حول مشاريع التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات حيث لم تتضمن المشاريع التي تشرف على تنفيذها الوزارة في إطار تعاونها مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي إضافة إلى مشاريع التعاون الثنائي مع إيطاليا والتي تتشارك المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية في تنفيذها مع جمعيات.

 

وأفادت وزارة التكوين المهني والتشغيل في مراسلتها الموجهة إلى محكمة المحاسبات بتاريخ            19 أوت 2019 حول الاتفاقيات المبرمة مع الجهات الخارجية ذات العلاقة بتمويل الجمعيات بأنّه لا توجد مكوّنات تتعلق بتمويل الجمعيات في المشاريع التي هي في طور الإنجاز، في حين ثبت من خلال الأعمال الرقابية للمحكمة أنّ الوزارة تشرف على تنفيذ برنامج دعم التشغيل في المناطق الريفية بتونس خلال الفترة 2016-2022 بالشراكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ومشروع الإدماج الاقتصادي للشباب مبادرون خلال الفترة 2018-2022 المموّل من البنك الدولي واللذان تنص الاتفاقيتان المبرمتان في شأنهما على تشريك الجمعيات في تنفيذهما.

 

ب- الآليات المتوفرة لإضفاء الشفافية

 

لإضفاء الشفافية على تمويل الجمعيات، حمّل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 الجمعيات جملة من الالتزامات المتعلّقة أساسا بشفافية تصرفها على غرار مسك عدد من السجلات تتمثل أساسا في سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا مع التمييز بين النقدي والعيني، العمومي والخاص، الوطني والأجنبي ونشر البيانات حول التمويلات الأجنبية المتحصل عليها مع ذكر مصدرها وقيمتها وموضوعها بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الالكتروني للجمعية إن وجد وإعلام الكاتب العام للحكومة بها في ظرف شهر من تاريخ قرار طلبها أو قبولها وصرف مواردها على الأنشطة التي تحقق أهدافها فضلا عن تقديم تقرير سنوي يشمل وصفا مفصّلا لمصادر تمويلها ونفقاتها إلى محكمة المحاسبات في حال استفادتها من تمويل عمومي.

 

وفي هذا الإطار، وعملا بأحكام الفصل 45 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011، تولت الكتابة العامة للحكومة التنبيه على 1005 جمعية لإزالة مخالفات مرتكبة خلال الفترة 2014-2019 منها 566 جمعية لم تلتزم بأحكام الفصل 41 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 حول إعلام الكاتب العام للحكومة بتلقيها تمويلات أجنبية المصدر ونشر التفاصيل المتعلقة بها بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الإلكتروني للجمعية إن وجد، غير أنّ أعمال الكتابة العامة للحكومة تظل محدودة الأثر وتعوزها الشمولية حيث لم تتمكّن من التفطن لتلقي جمعيات تمويلات أجنبية لا تقل مبالغها عن 31,8 م.د وقفت عليها المحكمة وذلك في غياب معطيات حينية لديها حول التدفقات المالية الأجنبية لفائدة الجمعيات مما يعيق متابعتها لمدى التزام الجمعيات بالأحكام المذكورة بصفة شاملة ودقيقة ويحول دون رصدها للمخالفات المرتكبة وردع مرتكبيها.

 

فقد أفرزت نتائج الاستبيان الذي أجابت عليه 22 جمعية متحصّلة على تمويلات أجنبية عدم مسك 10 منها لسجل المساعدات والتبرعات والهبات مخالفة بذلك أحكام الفصل 40 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 وهو ما يستوجب تفعيل العقوبات المنصوص عليها بالفصل 45 منه، غير أنّ الكتابة العامة للحكومة لم تتوفّر لديها الآليات التي تمكّنها من التفطّن لعدم احترام الجمعيات المذكورة للالتزامات المحمولة عليها.

 

ومن جهة أخرى، وبهدف ضمان شفافية التصرف المالي للجمعيات، أخضع المرسوم عدد 88 لسنة 2011 حساباتها لتدقيق خارجي عند تجاوز مواردها السنوية 100 أ.د وأوجب على مراقب الحسابات رفع تقريره إلى الكاتب العام للحكومة في أجل شهر من تاريخ تبليغه القوائم المالية للجمعية، إلا أنّ عدد التقارير الواردة على الكتابة العامة للحكومة بلغ تباعا 87 و67 و47 تقريرا خلال السنوات 2016 و2017 و2018. ومن بين 93 جمعية و90 جمعية ثبت لمحكمة المحاسبات تجاوز تمويلاتها الأجنبية 100 أ.د تباعا خلال سنتي 2017 و2018، لم تتلق الكتابة العامة للحكومة إلى موفى              فيفري 2020 التقارير المتعلقة بما عدده تباعا 84 و88 جمعية.

 

ولئن أقرّ المرسوم عدد 88 لسنة 2011 مسارا موحّدا لتسليط العقوبات على الجمعيات يتدرّج من التنبيه على الجمعية لإزالة المخالفة خلال مدة لا تزيد عن 30 يوما من تاريخ تبليغ التنبيه، مرورا بتعليق نشاطها لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما بقرار من رئيس المحكمة الابتدائية بتونس بمقتضى إذن على عريضة يقدمه الكاتب العام للحكومة وصولا إلى حل الجمعية في حال تماديها في المخالفة فقد أفرزت الأعمال الرقابية محدودية هذا النظام في ردع المخالفات وعدم أخذه بعين الاعتبار طبيعة المخالفة وخطورتها والعود فيها. فعلى سبيل المثال، مكّن تطبيق هذا النظام من التنبيه أكثر من مرة على 62 جمعية خلال الفترة 2014-2019 بخصوص ارتكابها نفس المخالفة أو مخالفات أخرى دون المرور إلى الدرجة الموالية من العقوبات في حالة تسويتها وهو ما يمسّ من الطابع الردعي لنظام العقوبات المعتمد.

 

كما تم الوقوف على أنّ 4 جمعيات خيرية تم تكييفها "مشبوهة" من قبل الكتابة العامة للحكومة تحصلت خلال الفترة 2012-2019 على مبلغ قدره 27,7 م.د(1) وتواصل تحصّلها على تمويلات أجنبية قدرها 23,9 م.د رغم شروع الكتابة العامة للحكومة في إجراءات تسليط العقوبات القضائية عليها مما من شأنه أن ينجر عنه تنامي مخاطر استعمال التمويل الأجنبي للجمعيات في أنشطة غير شرعية.

 

وفي نفس السياق، تولى الكاتب العام للحكومة طلب تعليق نشاط 439 جمعية منها 251 جمعية ذات النشاط المشتبه ارتباطه بالإرهاب وبغسل الأموال متبوع بطلب حل 197 جمعية لتماديها في مخالفة أحكام الفصلين 3 و4 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011(2) رغم التنبيه عليها وتعليق نشاطها واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق.  

وعلى صعيد آخر، وفي إطار منع المسالك المالية غير الشرعية، أوجب الفصل 100 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال(1) على الذوات المعنوية من بينها الجمعيات التي يبلغ أو يتجاوز حجم مقابيضها السنوية أو مدخراتها القابلة للتصرف 30 أ.د(2) جملة من الالتزامات منها مسك قائمة في المقابيض والتحويلات والإيداعات النقدية التي لها علاقة بالخارج يُنهى نظير منها إلى مصالح البنك المركزي، غير أنّ 20 جمعية من بين 22 جمعية أجابت على الاستبيان لم تلتزم بذلك.

 

ومكّن النظر في تفعيل الآليات الواردة بالقانــون عدد 52 لسنة 2018 المؤرخ في                        29 أكتوبر 2018 والمتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات والذي يشمل بأحكامه الجمعيات وشبكات الجمعيات بعد أكثر من سنة من دخوله حيز النفاذ(3) من الوقوف على تولي 818 جمعية فقط التسجيل بالسجل و10 جمعيات إيداع قوائمها المالية وذلك إلى حدود 9 ماي 2020 وهي مؤشرات ضعيفة مقارنة بالعدد الجملي للجمعيات. فضلا عن ذلك، لم يتم تفعيل الآليات المنصوص عليها بهذا القانون والمتعلقة بتشبيك قواعد البيانات العمومية وبالتبادل الالكتروني الحيني للمعلومات والبيانات والوثائق بين المركز الوطني لسجل المؤسسات والمؤسسات والهياكل العمومية المعنية على غرار الإدارة العامة للجمعيات والأحزاب السياسية برئاسة الحكومة(4).

 

وأدى ربط واجب الشفافية المحمول على الجمعيات(5) مثلما تم ضبطه بالأمر عدد 5183 لسنة 2013 المؤرخ في 18 نوفمبر 2013

 
ملخص التقرير
تحميل
طباعةالعودة