انتقاء حسب

أحدث التقارير

رسالة اخبارية

لتلقي آخر الأخبار المتعلقة بدائرة المحاسبات عبر بريدك الإلكتروني

15.05.2014 / الموارد البشرية و الثقافية و التراث التقرير السنوي الثامن والعشرون

التصرّف في التراث الأثري

رغم الموارد المالية الهامة التي رصدتها الدولة لقطاع التراث الأثري تواصلت النقائص المسجلة بخصوص هذا القطاع نظرا لتقصير الجهات المعنية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايته والمحافظة عليه، وهو ما عرّضه لاعتداءات مختلفة تعلّق البعض منها بأعمال نهب وسرقة وهي موضوع قضايا منشورة لدى المحاكم ذات الاختصاص. 

 

            كما أنّ برمجة الحفريات التي يقوم بها المعهد لا تستند إلى دراسات مسبقة تضمّ ملفات فنية يتمّ عرضها على لجان علمية وفنية مختصة. ولا يتولى المعهد مسك سجلات لتسجيل اللّقى الأثرية المكتشفة ولا تمكّن هذه الوضعية من المحافظة على هذه اللّقى ومتابعتها مما يعرّضها للتلف أو الضياع وسجّل كذلك احتفاظ بعض الباحثين في مكاتبهم بلقى أثرية على غرار الكنوز دون إعلام الإدارة العامة للمعهد بوجودها.

 

  ولم يتمّ تفعيل الآليات القانونية لحماية التراث الأثري المنصوص عليها بمجلة التراث وخاصة منها إصدار أوامر الترتيب وقرارات الإنشاء وإعداد أمثلة الحماية والإحياء. وفي ظلّ هذه الوضعية، شهدت بعض المواقع الأثرية تقلصا ملحوظا في مساحتها بفعل الزحف العمراني على غرار مواقع "هنشير الفوار" و"لمطة" و"السميرات" التي سجلت تقلصا بما يقارب نسب على التوالي 32 %   و35 % و47 % مقارنة بما كانت عليه في بداية التسعينات.

 

ومازالت أعمال جرد المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمنقولات الأثرية التي انطلقت منذ سنة 1992 متواصلة وهو ما لا يمكّن من تأمين الحماية المادية لهذا التراث وصيانته وتوفير الظروف الملائمة للمحافظة عليه.

 

كما لوحظ أنّ الطرق المعتمدة في حفظ القطع الأثرية المودعة بالمخازن والمعروضة بالمتاحف لا توفّر دائما الضمانات الكافية لحمايتها إذ يتمّ حفظ بعض القطع في الهواء الطلق مما يعرضها للسرقة أو التلف بفعل العوامل المناخية أو بواجهات عرض غير مؤمنة على الوجه الكافي. ولم تساعد هذه النقائص على تأمين الحماية اللازمة للقطع الأثرية إذ تمّت سرقة 89 قطعة من مخازن قصر السعيد و4 قطع من موقع دقة.

 

ولا تتلاءم إجراءات التصرف في القطع الأثرية الثمينة دائما مع قيمتها ولا تضمن المحافظة عليها. فقد اختفت 215 قطعة نقدية من معادن مختلفة من ضمن القطع المحفوظة بالخزينة المصفحة لمتحف باردو. وتولت دائرة المحاسبات إحالة الملف إلى النيابة العمومية ذات الاختصاص قصد مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب جريمة سرقة قطع أثرية من مخازن المتحف الوطني بباردو أو التستر عليها.

 

أمّا بخصوص صيانة المعالم التاريخية والمواقع الأثرية، تولّى المعهد خلال سنة 2006 ضبط قائمة تتضمن 100 معلم مهدّد يستوجب تدخلا عاجلا، إلا أنّه لم يتمّ إلى غاية ماي 2013 وضع أو تنفيذ مشاريع لإنقاذها. ولا تنصهر التدخلات المنجزة في هذا المجال في إطار تصور شامل يضمن استغلال هذه المعالم بعد ترميمها. ويقتصر إعداد الدراسات الأولية المنجزة خلال الفترة 2009-2012 أحيانا على تشخيص مقتضب لحالة المبنى ووصف عام للتدخلات. وقد أثّرت هذه الوضعية على إنجاز بعض المعالم على غرار دار رشيد ودار قائد السبسي ودار الشريف ودار بن عبد الله.

 

وتستوجب أعمال صيانة القطع الأثرية وخاصة المخطوطات المودعة بالمخبر الوطني لصيانة وترميم المخطوطات بالقيروان والتي تعتبر أهمّ رصيد في العالم الإسلامي، مزيد تنظيم هذا الهيكل ودعمه بوسائل العمل الضرورية بما يضمن صيانتها وفقا لمعايير اليونسكو في هذا المجال وضبط طريقة مناولتها والمحافظة عليها حماية لها من التلف أو السرقة ، مثلما تمّ تسجيله خلال سنة 2009 حيث تعرضت المخطوطات إلى عملية سرقة شملت 39 ورقة منها ورقتان من الرقّ الأزرق.           

 

كما تمّ تنفيذ مشاريع ترميم التراث بجهة القيروان خلال الفترة 2009-2012 بصفة شبه كلية عبر جمعية صيانة مدينة القيروان وفي غياب كلّي لإدارة المعهد رغم تكليفه بالإشراف على هذه المشاريع بصفته صاحب المشروع أو السلطة العلمية والفنية المختصة. وقد شهد تنفيذ هذه المشاريع إخلالات على المستوى المالي والفني.

 

وبخصوص التصرف في الأعوان العرضيين من قبل المعهد، تبيّن تحويل مبلغ جملي قدره     111 أ.د خلال الفترة 2010-2012 لفائدة حسابات يحمل أصحابها هويات مختلفة من بينهم عونان قاران بالمعهد وذلك إضافة إلى راتبهما الشهري. وقد تولت دائرة المحاسبات إحالة الملف إلى النيابة العمومية ذات الاختصاص.

 

وفيما يتعلق بإحياء التراث الأثري، تبيّن غياب برامج إحداث وتهيئة المتاحف والمواقع والمعالم وعدم الدقة في تحديد الحاجيات والدراسات الأولية لبعض المشاريع وعدم إنجاز الأشغال المبرمجة في الآجال المضبوطة. من ذلك أنّه تمّ إيقاف أشغال إعادة تهيئة متحف سوسة لفترة            758 يوما والترفيع في كلفة الأشغال بما قدره 2,288 م.د والتمديد في آجال الإنجاز.

 

كما لم تحرص الوكالة على استخلاص المبالغ المتأتية من عقود التسويغ واللزمات المتعلقة باستغلال الفضاءات التراثية. كما تفتقر الوكالة إلى سياسة تسويقية لدعم المتاحف والمواقع والمعالم وتحدّد بصفة مسبقة الأنشطة الترويجية المزمع إنجازها بالمعهد أو بالوكالة.

 
طباعةالعودة