انتقاء حسب

أحدث التقارير

رسالة اخبارية

لتلقي آخر الأخبار المتعلقة بدائرة المحاسبات عبر بريدك الإلكتروني

04.03.2019 / السلطات العمومية و المحلية التقرير السنوي العام الواحد والثلاثون

بلدية المكنين

ملخص التقرير
تحميل

 

أحدثت بلدية المكنين (فيما يلي البلديّة) التابعة لولاية المنستير بموجب الأمر العلي المؤرخ في 19 فيفري 1921 وتبلغ مساحتها 57 كلم2 حسب التقسيم الترابي للبلديّات لسنة 2016. ويبلغ عدد سكانها 57 ألف ساكن حسب التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2014. وتضم المنطقة البلدية وفقا للسجل الوطني للمؤسّسات لسنة 2016 مجموع 1760 مؤسسة صناعية وتجارية تنشط أساسا في قطاعي النسيج والبناء إلى جانب عديد المحلات الحرفية في الفخار والصاغة. كما تحتضن المدينة بعض المعالم الأثرية.

 

وتعتبر القدرات المالية للبلدية مرضية حيث يفوق  معدّل مؤشّر الاستقلاليّة الماليّة للبلديّة لديها (الموارد الذاتية/الموارد الاعتيادية) 80% بعنوان الفترة 2012-2017 متجاوزا بذلك المعيار المعتمد من قبل صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة (70 %) والنسب الوطنية التي كانت في حدود 60 %.

 

وبلغت المداخيل الإعتياديّة للبلديّة في سنة 2017 ما قدره 7,2 م.د. وتأتّت أهمّ الموارد من المعاليم الموظفة على الأسواق بمجموع 3 م.د والمعاليم على العقارات والأنشطة بقيمة 1,3 م.د علما بأن نسبة إستخلاص المعاليم على العقارات المبنية وغير المبنية كانت في حدود 8 %. وناهزت موارد التنمية لنفس السنة ما قيمته 4,5 م.د وفرتها بالخصوص فواضل التّصرفات السابقة (33 %) والمبالغ المقامة من المال الإحتياطي (22 %) ومنح التجهيز (10 %). وفي المقابل ارتفعت قيمة نفقات البلدية في سنة 2017 إلى 9,7 م.د موزعة إلى 5,6م.د للعنوان الأوّل منها إعتمادات التأجير بمجموع 2 م.د وإلى          4,1 م.د للعنوان الثاني.

 

ويشتمل تنظيم البلديّة على كتابة عامة وإدارة للشؤون الإدارية والمالية وإدارة للشؤون الفنية وتشغّل البلديّة 148 عونا (منهم 121 عاملا). وتداول على إدارة شؤون البلدية منذ سنة 2012 نيابتان خصوصيّتان فصلت بينهما لمدة سنة لجنة تسيير أحدثت بقرار من والي المنستير في سنة 2014 بعد أن تم تجميد نشاط رئيس النيابة الأولى بناء على تقرير تفقد أشار إلى سوء تصرف في إسناد لزمة سوق الجملة للخضر والغلال.  

 

وقد ركزت الدائرة أعمالها الرقابية التي غطت بالأساس الفترة 2012-2016 على التصرّف في الأسواق البلديّة لأهميّة الموارد المتأتيّة منها ولمكانتها في النشاط الاقتصادي والاجتماعي بالجهة إذ تصّنف مثلا سوق الجملة للخضر والغلال سوقا وطنية وهي تزود الجمهورية بنسبة 15 % من هذه المنتجات الفلاحية. كما أولت الدائرة إهتمامها إلى التخطيط العمراني بالنظر إلى تنامي الضغوطات السكنية على المنطقة البلدية وتفاقم ظاهرة الاكتساح العمراني غير المنظم إذ مثل عدد المساكن العشوائيّة 10 % من المساكن حسب التعداد العشري للعقارات المبنيّة المنجز في سنة 2016.

 

ويذكر في هذا السياق أنه سبق للدائرة أنّ أخضعت إلى رقابتها أوجها أخرى من نشاط البلديّة ضمنت نتائجها في تقربر الرقابة المالية على البلديات (2016) وفي التقرير المتعلق بمنظومة النظافة والعناية بالبيئة بولايتي سوسة والمنستير (2017).

 

وخلصت هذه المهمة إلى ملاحظات تبرز عدم توفق البلدية في استغلال الأسواق في إتجاه تنمية مواردها فضلا عن قصورها في أداء دورها الترتيبي في مجال تنظيم مجالها الترابي ومراقبته. ويعود ذلك أساسا إلى غياب رؤية واضحة وبرامج محكمة الإعداد وهو غياب يرتبط بعدم استقرار هياكل التسيير والقيادة وانصرافها بدرجة أولى نحو تصريف الأعمال الجارية.


 

أبرز الملاحظات

 

- إدارة شؤون البلدية  

 

اتسم تسيير البلدية منذ سنة 2011 باضطراب مرده عدم استقرار هيكلها القيادي أدّى إلى إرباك العمل البلدي وأثّر سلبا على قدرتها في التحكم في كامل مسار التصرف من تحديد الأهداف والبرامج إلى الرقابة والتقييم.

 

واقترن هذا الاضطراب بضعف الموارد البشرية العاملة بالبلدية مما لم يمكنها من تأمين بعض الوظائف الهامة خاصة الفنية منها وإنعكس سلبا على نسبة التأطير التي لم تتجاوز 3 %.

 

وساهم عدم استناد تدخلاّت البلديّة خاصّة منها ذات البعد التنموي على خطط متكاملة ومنسجمة في ضعف نسق إنجاز المشاريع البلديّة خاصّة في مجال البنية التحتيّة.

 

وتوصي الدائرة بتدعيم القدرات البشريّة للبلديّة بما يمكّنها من تقديم خدمات تستجيب لحاجيات المتساكنين والعمل على ضبط رؤية إستراتيجيّة للمدينة مجسّمة في مخطّط تنمية متوسّط المدى.

 

- التصرّف في الأسواق البلديّة

 

شاب التصرّف في بعض الأسواق الراجعة للبلدية إخلالات شملت إجراءات الاستلزام وإسناد اللزمات فضلا عن ضعف الرقابة.

 

وتراجعت البلدية دون مبرر واضح عن عملية الاستلزام بالظروف المغلقة لتعتمد أسلوب المزايدة العلنية والتي غالبا ما شهدت اضطرابات أخلت بالسير العادي للتبتيت.

 

ولم تتقيّد البلديّة بالتراتيب التي تشترط إدلاء العارضين بشهادات إبراء تجاه الدولة ممّا نتج عنه استلزام سوق الجملة للخضر والغلال لعارض تخلّدت بذمته ديون جبائية لفائدة الدولة.

 

 

     وقد حال ضعف متابعة ومراقبة المستلزمين فضلا عن افتقار نشاط وكلاء البيع إلى التعريف القانوني والتنظيم الضروري دون التحكم في مسالك التوزيع مما فسح المجال إلى تعدّد الوسطاء بين المنتج والمستهلك.

 

ورغم تحسن عائدات السوق الأسبوعية في إطار الاستلزام أقرت البلدية إتباع أسلوب الاستغلال المباشر للسوق الأسبوعية مع ما نجم عن ذلك من انخفاض في المداخيل تجاوز 50 % ومن صعوبات في مراقبتها.

 

كما مثلت هذه السوق بعد أن امتدت إقامتها على 3 أيام في الأسبوع إطارا للمنافسة أضرت بمصالح العديد من المحلات التجارية في المدينة.

 

وتوصي الدائرة بإنجاز التقييم اللازم لسير هذه المرافق. كما تدعى البلدية إلى الالتزام بمبادئ المنافسة والشفافيّة والمساواة في إبرام لزماتها مع تفعيل الرقابة وفق مناهج التصرف الإداري والمالي الحديث من أجل المحافظة على أملاكها وتنمية مواردها.

 

- التهيئة العمرانيّة والتراتيب البلديّة

 

أثّر عدم المصادقة على المثال التوجيهي لولاية المنستير رغم اكتمال الدراسات الفنية بخصوصه منذ سنة 2008 في بلورة مشاريع نهائية للتهيئة بالبلدية وخاصة على مستوى تهيئة سبخة المكنين أين تشهد الأجزاء المتاخمة لها تدهور بيئي واكتساح عمراني.

 

وتضمّن مثال التهيئة العمرانيّة للبلديّة نقائص ساهمت في اكتساح البناء الفوضوي ولم يمكّن من تحقيق تطوّر عمراني متوازن وترشيد إستغلال المجال الترابي.

 

ولم توفّر البلديّة لنفسها الوسائل التي تمكّنها من متابعة إنجاز مشاريع التقسيمات والتأكّد من تقيّد أصحابها بالتزاماتهم ولم تستخدم صلاحياتها لتنمية المساحات الخضراء بالمنطقة البلديّة.

 

كما تراجع المجهود المخصّص لمراقبة التراتيب البلديّة والتصدّي للمختلفات العمرانيّة نتيجة عوامل عدة من أهمها قلة التنسيق مع الشرطة البلدية وانشغال هذا الجهاز أساسا بمهام أمنية.

 

وتوصي الدائرة بتحيين مثال التهيئة العمرانيّة للبلديّة والسهر على حسن تطبيقه حتّى تتمكّن من التحكّم في النموّ العمراني وترشيد استغلال المجال الترابي. وعلى البلدية أيضا اتخاذ ما يلزم من إجراءات لفرض إحترام التراتيب العمرانيّة والصحية.

I-        إدارة شؤون البلدية

 

تواجه البلدية منذ سنة 2011 صعوبات حدت من أدائها مردها بالأساس عدم استقرار هيكل التسيير والنقص في الموارد البشرية المختصة.

 

فقد بقيت البلدية بعد حل مجلسها في سنة 2011 دون هيكل قرار وتسيير مدة سنة. كما لم تشهد النيابة الخصوصية المعينة استقرارا حيث تم بقرار من وزير الداخلية المؤرخ في 7 مارس 2014 إيقاف رئيس النيابة الخصوصية عن مباشرة وظائفه لمدة 3 أشهر على إثر مهمة تفقد أشارت إلى وجود شبهات حول إسناد اللزمة المتعلقة بسوق الجملة للخضر والغلال لسنة 2014 قبل أن يتم في                       5 جوان 2014 إعفاؤه من مهامه.

 

وعهد إلى لجنة تسيير برئاسة المعتمد إدارة الشؤون البلدية إلى غاية شهر جوان 2015 حيث تم بمقتضى أمر حكومي تركيز نيابة خصوصية جديدة برئاسة المعتمد الذي يضطلع في نفس الوقت بمساعدة الوالي على الإشراف على 6 بلديات أخرى بالمنطقة.

 

ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه التغيرات تزامنت مع شغور خطة الكاتب العام لمدة 28 شهرا (من 1 نوفمبر 2013 إلى 1 مارس 2016).

 

كما تشكو إدارة البلدية نقصا في الموارد البشرية مقارنة بالخطط والرتب المنصوص عليها بالهيكل التنظيمي المصادق عليه بتاريخ 11 فيفري 2014 وبالقرار البلدي المؤرخ في 9 نوفمبر 2015 الذي ضبط حاجياتها بمجموع 366 عونا. وقدر هذا النقص في موفى شهر ديسمبر 2017 بأكثر من 200 عون بين موظفين وعملة.

 

ويتجلى النّقص خاصة في مستوى أسلاك المهندسين والتقنيين والأطباء البياطرة أين بلغ             19 إطارا. وفضلا عن ذلك سجل في نفس التاريخ شغور 16 مركز مسؤولية من أصل 21 مركزا من أهمها إدارة الشؤون الفنية. وانعكست هذه الشغورات سلبا على نسبة التأطير بالبلدية التي لم تتجاوز 3 % مقابل 11 % كمعدل وطني في سنة 2016. ومما يذكر بالخصوص أن الطبيب البيطري الوحيد يتولى إلى جانب الإشراف على أعمال النظافة لكامل المدينة مهام المراقبة الصحية بالمسلخ وبالأسواق وبالمحلات المفتوحة للعموم.

 

وقد تسبب هذا الوضع في إرباك العمل البلدي وفي إعداد الميزانية وأثر سلبا على دور البلدية خاصة في التصرّف في المرافق كالأسواق وفي الإضطلاع بمهمة مراقبة التراتيب.

 

ويشار في هذا السياق أنه لم يتم عرض مشروع ميزانية البلدية لسنة 2015 على هيئتها التداولية حيث تم إقرارها في جلسة عمل إدارية عادية في شهر نوفمبر 2014 قبل المصادقة عليها من قبل والي المنستير. كما بادرت البلدية في سنة 2015 بتنقيح ميزانيتها دون عرض قرار التنقيح على مداولة مجلسها. ولم يتم ذلك إلا على سبيل التسوية في شهر مارس 2016 وذلك في مخالفة لأحكام الفصلين 13 و25 من القانون الأساسي لميزانية الجماعات المحلية.

 

وفي مثل هذا الظرف لم تكن تدخلات البلدية خاصة منها ذات البعد التنموي مستندة إلى خطة متكاملة وأهداف واضحة. إذ تعذر على هيكلها المسير ضبط مختلف الأعمال التي يتعين القيام بها للمساهمة في تنمية المنطقة وفقا لتوجهات على المدى المتوسط بما يتطلبه ذلك من قدرة على التشخيص والتصور والمتابعة والتقييم. وبقيت البلدية مفتقرة إلى مخطط استثماري ومخطّط جولان مروري للمدينة فضلا عن غياب برنامج واضح لتهيئة سبخة المكنين وتطهيرها من التلوث البيئي.

 

وشهدت مشاريع البلدية ضعفا في نسق إنجازها بما أنه لم يتم استهلاك سوى 44 % من اعتمادات العنوان الثاني خلال كامل الفترة 2012-2016. ويبرز ذلك تحديدا في مستوى الاستثمارات المباشرة التي لم تتجاوز نسبة استعمال الإعتمادت المخصصة لها معدل 34 % وذلك بمجموع 5.5 م.د مقابل حجم اعتمادات مرصودة بقيمة 16 م.د علما بأن هذه النسبة كانت في حدود 20 % فقط في سنتي 2012 و2015 وبأنها سجلت تحسنا طفيفا في سنة 2017 لتبلغ 39 %.

 

وتعلق الأمر بالخصوص بمشاريع البنية التحتية التي سجلت تعثرا انعكس على نسبة الدفوعات المنجزة بعنوانها خلال الفترة المذكورة والتي كانت في حدود 25 % مقابل اعتمادات بقيمة             8 م.د. علما بأن هذه النسبة تراجعت من 66 % في سنة 2012 إلى 6 % في سنة 2016.

 

وتوصي الدائرة بتدعيم القدرات البشريّة للبلديّة بما يمكّنها من تقديم خدمات تستجيب لحاجيات المتساكنين. كما تؤكد الدائرة على ضرورة تحثيث نسق إنجاز ما أقر من مشاريع وضبط مخططات عمل في شتى المجالات المتصلة بالعمل البلدي تنصهر في إطار إستراتيجيّة متكاملة لتطوير المدينة .

 

 

II- التصرّف في الأسواق البلديّة

 

تضمّ المنطقة البلدية 6 أسواق وهي سوق الجملة للخضر والغلال والسوق العامّة وسوق الدواب وسوق السمك وسوق الصاغة وسوق السيارات. وتستغل هذه الأسواق عن طريق الإستلزام باستثناء السوق العامّة الّتي تستغلّها البلدية بشكل مباشر. وتتجاوز المداخيل المتأتية من هذه المرافق  3 م.د سنويا وهو ما يمثل نصف المداخيل الاعتيادية للبلدية تساهم فيها سوق الجملة بمفردها بقرابة 2.م.د كمعدل سنوي.

 

وشهد التصرّف في الأسواق تجاوزات تعلّقت بإجراءات الإستلزام وإسناد اللزمات خاصّة منها سوق الجملة للخضر والغلال وبغياب الرّقابة الداخليّة بمناسبة الاستغلال المباشر للسوق العامّة بالمكنين.

 

فبعد أن كانت تنتهج في استلزام أسواقها طريقة البتات بالمزاد العلني وبالنظر إلى تراجع عائدات الاستلزام وما يرافق المزادات العلنية من مضاربة وإخلال بالنظام العام أقرت البلدية بداية من سنة 2013اعتماد طريقة التبتيت بالظروف المغلقة. ورغم أن هذا الأسلوب أدى منذ تطبيقه في سنة 2013 إلى إتساع المنافسة وتحسن الأثمان المعروضة بزيادة إجمالية لا تقل عن 470 أ.د بالمقارنة مع سنة 2012 فإن لجنة التسيير التي تم تعيينها في شهر جوان 2014 تخلت عنه من أجل العودة إلى طريقة المزايدة العلنية بدون مبرر موضوعي.

 

كما لوحظ أن البلدية لا تفعّل الضمانات المتاحة لها إثر إخلال المستلزم الفائز بتعهداته في دفع ثمن الاستلزام وبإستغلال المرفق وهو ما يحدّ من جدية المنافسة ويلحق ضررا بالبلدية وبسير الأسواق. من ذلك لم تتّخذ البلديّة أيّ إجراء تجاه المستلزم المخلّ بإلتزاماته بعد إسناده لزمة سوق الدواب لسنة 2013 بما أنّها لم تحجز الضمان الوقتي وقيمته 40 أ.د ولم تحمّله المصاريف المترتبة عن إعادة تنظيم اللزمة والفارق في السعر المقدّر بحوالي 93 أ.د. وذلك خلافا لما جاء ضمن كراس الشروط في هذا الخصوص.

 

ولم تخل كراسات شروط اللزمات من نقائص تمثلت بالخصوص في وضع بنود لا سند قانوني لها بينما تم التغاضي عن مقتضيات ترتيبية إلزامية حيث تم مثلا بالنسبة إلى اللزمات السنوية المبرمة خلال الفترة 2012-2015 إشتراط تقديم حجة ملكية في المكاسب المصرح بها دون أن تنص على ذلك التراتيب المعمول بها(1). وفعلا فقد تم إقصاء أحد المشاركين في بتة سوق الجملة للخضر والغلال لسنة 2015 بسبب عدم تقديمه لحجج ملكية في مكاسبه.

 

وفي المقابل لم تتقيد البلدية بمنشور وزير الداخلية عدد 10 بتاريخ 7 جوان 2013 إذ لم تشترط إدلاء العارضين بشهادات إبراء تجاه الدولة خاصّة وأنّ الشهادة في الوضعية الجبائية التي يوفرها المشاركون لا تفيد خلاص ما تخلد بذمتهم لفائدة الدولة. وفعلا تمّ إسناد لزمة سوق الجملة للخضر والغلال في سنة 2015 لعارض تعلّقت به ديون جبائيّة في حق الدولة بعنوان عدم التصريح بالأداء لسنوات 2011 و2013 و2014.

 

ورغم أهمية متابعة سير الأسواق وتقييم مردوديتها وعلى خلاف ما يقتضيه كراس الشروط النموذجي الملحق بالمنشور المشترك لوزيري الداخلية والتجارة عدد 31 بتاريخ 21 أكتوبر 2006، لم تطالب البلدية أصحاب اللزمات بتقديم تقارير فنية ومالية دورية وبالإدلاء بالحسابات المالية السنوية المرتبطة باللزمة. واقترن ذلك بعدم تأمين البلدية للمراقبة الميدانية على الأسواق مما لم يساعدها على التأكد من إلتزام أصحاب اللزمات بالتعريفة القانونية للمعاليم التي يقومون بإستخلاصها ومن مسك الدفاتر والسجلات المحاسبية المنصوص عليها بالعقود ومن تسليم وصولات الخلاص للمنتصبين.

 

ولم تتول البلدية عند تقديرها لقيمة اللزمات وإعداد وثائقها التعاقدية تحديد مسؤولية دفع معاليم الكهرباء والماء مما ولد غموضا اضطرت معه إلى تحمّل كلفة هذه الخدمات التي قدرت بالنسبة لسوق الجملة للخضر والغلال مثلا بقيمة 84 أ.د بعنوان سنة 2016.

 

ومع أنّ الضمان النهائي يعتبر أداة هامة تمكن البلدية من تأمين حسن تنفيذ اللزمة وإيفاء المستلزم بتعهداته فقد دأبت البلدية في مخالفة لأحكام مجلّة المحاسبة العموميّة ولمقتضيات منشور وزير الداخلية آنف الذكر على تفعيل الضمان النهائي عوضا عن إستخلاص المبلغ المستوجب بعنوان الثلاثية الأخيرة من إستغلال الأسواق. ولم يحل التصرف على هذا النحو دون تراكم الديون المستحقة على المستلزمين لتبلغ في موفّى سنة 2016 ما قدره 715 أ.د لم تتوفّق البلديّة في إستخلاصها رغم تعدّد إجراءات التتبع المنجزة في الغرض.

 

وشاب إسناد لزمة سوق الجملة للخضر والغلال بعنوان سنة 2014 بقيمة 1,9 م.د إخلالات مسّت من مبادئ المنافسة والشفافية والمساواة. فقد عمدت البلدية إلى تغيير الإشتراطات الماليّة بعد البتة على نحو استفاد منه صاحب اللزمة حيث تم إعتماد مبلغ الضمان النهائي لخلاص الثلاثة أشهر الأولى من الاستغلال 475 أ.د.

 

وخلافا لقواعد المحاسبة العموميّة قبلت البلدية خلاص بقية الأقساط عن طريق كمبيالات مكفولة بنكيا قيمتها الجملية 1,4 م.د. ورغم رفض الوالي المصادقة على العقد استمرت البلديّة في منح الفائز بالبتّة هذا الإمتياز دون وجه قانوني بل أنها لم تتخذ أي إجراء في حقه رغم قيامه بإسناد توكيل لمستغل آخر للتصرف في السوق دون صفة. ويشار إلى أنه تم إجراء تفقد من قبل وزارة المالية بهذا الخصوص تبعه إعفاء رئيس النيابة الخصوصية بتاريخ 05 جوان 2014 من مهامه.

 

ولئن اتّخذت البلدية إجراءات لتسوية الوضعية المالية لاستغلال هذه السوق فإنّ إسنادها للزمة وفق عقد مراضاة إلى الموكل له جاء مخالفا لمنشور وزير الداخلية عدد 10 بتاريخ 7 جوان 2013 حيث أنّ المتعاقد معه غير متحصّل على معرّف جبائي لممارسة نشاط استغلال الأسواق. هذا وقد تخلّد بذمّة المستلزم مبلغ قدره 244 أ.د يمثل 13 % من قيمة اللزمة لم يتم استخلاصه إلى غاية موفّى                سنة 2017.

 

وتشهد عملية المزايدة صعوبات واضطرابات أخلت بمصالح البلدية وبالسير العادي لمرفقها. فقد سجلت بتّة السوق لسنة 2015 بقيمة 2,9 م.د نكول صاحب أرفع عرض مع إعتراضه على إسناد اللّزمة لصاحب العرض الّذي يليه. ولئن أقرت البلدية إلغاء البتّة وإعادتها لاحقا بمشاركة نفس الأطراف فإنها لم تطبق ما ينص عليه كراس الشروط من حجز للضمان الوقتي في حال الإخلال بالإلتزامات ومن خصم جميع المصاريف المترتبة عن إجراءات اللزمة مع حرمان المخلّ من المشاركة في البتات اللاحقة.

 

وأفضت المزايدة المعادة إلى إستلزام السوق بقيمة 2 م.د أي بنقص يناهز 900 أ.د مقارنة بالمزايدة الأولى مع الإشارة إلى أنّ الأقساط الشهريّة بعنوان لزمة سنتي 2015 و2016 تمّ دفعها مناصفة من قبل كلّ من المستلزم الناكل والمستغل ممّا ينشئ شبهة قوية بوجود تفاهم لتكريس إحتكار السوق.

 

ومن جهة أخرى، نص القانون عدد 86 لسنة 1994 المؤرخ في 23 جويلية 1994 المتعلق بمسالك توزيع منتوجات الفلاحة والصيد البحري على أن "تخصص سوق الجملة لبيع المنتوجات الفلاحية والبحرية بالجملة من قبل المنتجين وشركات الانتاج وتجمعات المنتجين وتعاضديات الخدمات ووكلاء البيع والمشترين على رؤوس الأشجار ومجمعي الإنتاج ووحدات التكييف والبائعين بالجملة والموردين". إلاّ أنّه تبيّن أن جميع المواقع المتوفرة بالسوق يستغلها وكلاء البيع دون أن يتم تخصيص أماكن لبقية الأصناف مما لا يتيح لها ترويج سلعها في هذا الفضاء رغم أنها تنتج كميات هامة من الخضر والغلال.

 

كما أنّ نشاط وكلاء البيع يفتقر بدوره إلى التعريف القانوني والتنظيم الضروري وهو ما يفسح المجال لأي متدخل للقيام بعمليات بيع لهؤلاء الوكلاء ويؤدي إلى تعدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك مع ما ينتج عنه من ارتفاع في الأسعار.

 

ولم تؤمن البلدية ما يفترض القيام به من رقابة على نشاط المستلزم وفق ما تنص عليه كراسات الشروط والعقود المبرمة خاصة فيما يتعلق بتطبيق تعريفة المعاليم المستوجبة. وقد يؤدي غياب هذه الرقابة إلى توظيف المستلزم لمعاليم إضافية تنعكس على الأسعار وتؤثر بالتالي سلبا في القدرة الشرائية للمستهلك.

 

كما لم يتقيد مستلزم السوق بما نصت عليه كراس الشروط من وجوب قيام صاحب اللزمة بتسليم وصولات في جميع المبالغ التي تدفع له وأن يكون كل مبلغ يتم قبضه موضوع توصيل واحد مع الاستظهار بمقتطعات الوصولات عند كل طلب. ومع ذلك لم تتدخل البلدية لحمله على الإلتزام بهذه الآلية الرقابية مما حال دون الاضطلاع بدورها في مراقبة المستلزم والتأكد من تطبيق التعريفة التي نص عليها القرار البلدي المؤرخ في 6 جانفي 1999 وفي تقييم نشاط السوق ومردوديته. ولا يساعد غياب مثل هذه البيانات مصالح مراقبة الأداءات بوزارة المالية على ضبط رقم معاملات المستلزمين وعلى مقاومة التهرب الضريبي خاصة في ظل أهمية حجم المعاملات بالسوق.

 

من ناحية أخرى، ورغم توفّر آلة وزن بالسوق لم تشترط البلديّة وزن البضائع عند دخولها وخروجها من السوق. ولم يتمّ بالتالي العمل بهذا الإجراء الّذي يحفظ حقوق المنتجين والمزودين ويوفر للبلدية بيانات حول حجم البضائع المتداولة تفيدها في دراسة واقع السوق وفي المساهمة في المجهودات الرامية إلى التحكم في الأسعار.

 

أما فيما يتعلق بالسوق الأسبوعية،فقد أقرّت البلدية منذ سنة 2009 استغلالها مباشرة رغم ضعف الموارد المستخلصة من الاستغلال المباشر لتلك السوق بالمقارنة مع عائدات الاستلزام. فبعد أن وفرت عملية استلزام السوق في سنة 2008 ما قيمته 350 أ.د سجلت المداخيل المتأتية من الاستغلال المباشر تراجعا إلى حدود 300أ.د في سنة 2009 لتنخفض إلى 150 أ.د في سنة 2016 وذلك في الوقت الذي توسّع فيه نشاط السوق ليمتد على 3 أيام بدل يوم واحد. هذا ولم تتول البلدية الوقوف على أسباب هذا التراجع من أجل تداركه.

ويذكر أنّ منشور وزير الداخلية عدد 10 بتاريخ 7 جوان 2013 أكد على أن استغلال الأسواق عن طريق اللزمة يبقى مبدئيا الصيغة المثلى للتسيير وهو ما ذكّر به والي المنستير في مراسلته الموجّهة للبلديّة بتاريخ 20 نوفمبر 2015 وأنّ كل البلديات المجاورة كرست الاستلزام كأسلوب لتسيير أسواقها الأسبوعية مع عائدات هامة بلغت بالنسبة لسوق قصر هلال مثلا مبلغا يفوق 1 م.د سنويا.

 

وخلافا للأمر عدد 103 لسنة 1970 المؤرّخ في 27 مارس 1970 المتعلق بإعادة تنظيم الأسواق الأسبوعية والذي حدد يوم الأربعاء كموعد لانتصاب السوق الأسبوعية بالمكنين. وعلاوة على ضعف مردوديتها فقد لوحظ أن هذه السوق أصبحت تنتظم على امتداد ثلاثة أيام.

 

وقد تسبّب هذا الامتداد الزمني للسوق فضلا عن توسع مساحته ليشغل أجزاء هامة من الطريق العام والأرصفة،في إرباك حركة المرور وفي إحداث منافسة تحد من نشاط أصحاب المحلات التجارية بالمدينة الذين يتحمّل أغلبهم معاليم الكراء لفائدة البلدية فضلا عن الأعباء الجبائية. ونتج عن ذلك تخلّي بعض الباعة المنتصبين في السوق المركزية وفي الحي التجاري التابع للبلدية عن محلاتهم وانتقلوا للنشاط في السوق الأسبوعية.

 

وكان من المفروض أن يتبع قرار البلدية في التصرف المباشر في السوق وضع إجراءات رقابية تساعد على استخلاص كامل المعاليم وتحصيلها لدى القابض. غير أنه تبين أن تدخل البلدية يشكو قصورا حال دون الإستغلال المحكم لهذا المرفق.

 

من ذلك لم يتم تهيئة فضاء للسوق تتوفر فيه إجراءات الحماية عن طريق تسييجه ويستجيب للشروط التنظيمية بواسطة ترقيم المواقع داخله. وفي هذه الظروف لم تتمكن البلدية من الإلتزام بتطبيق تعريفة المعاليم مثلما اقتضتها التراتيب(1) أي بحسب المتر المربع المستغل مكتفية بتحديد 7 أصناف من المعاليم توظف على أساس تقدير العون المكلف بالإستخلاص لمساحة الوقوف في غياب ترقيم مسبق للمواقع يمكن من تحديد المساحة آليا ممّا قد يفسح المجال للمحاباة ولتجاوزات تضر بموارد البلدية.

 

وتستخلص البلديّة معاليم الوقوف بالسوق مباشرة عن طريق أعوانها بدون أن تكون لهم صفة وكلاء مقابيض في مخالفة لأحكام مجلّة المحاسبة العموميّة وهو ما يضفي عليهم صفة المحاسب بحكم الواقع علما بأنّ هذه المهمة ظلت منذ سنة 2013 مؤمنة من قبل نفس الأعوان مع ما قد ينطوي عليه ذلك من مخاطر إنشاء علاقات خاصة بينهم وبين التجار المطالبين بمعلوم الوقوف بالسوق.

 

كما اتّضح أنّه لا يتمّ التنصيص ضمن جذاذات وصولات الخلاص على هوية التاجر والمساحة المستغلّة مما يحول دون التأكّد من صحة توظيف المعلوم علاوة على عدم تأريخ عملية الاستخلاص مما يعسر ممارسة الرقابة على المعاليم المستخلصة خاصة إزاء انتصاب السوق 3 أيام أسبوعيا.

 

وفي هذا الإطار أنجزت دائرة المحاسبات زيارة ميدانية للسوق المنتصبة بتاريخ 24 ماي 2017 رفقة عونين من الشرطة البلدية بهدف التحقّق من دفع المعاليم واقتطاع وصولات خلاص من الباعة المنتصبين يومها (وعددهم 230 منتصبا). وتبيّن أنّ 26 منهم لا تتوفّر لديهم وصولات مع تأكيدهم على دفع المعاليم لعوني البلدية. كما أفرزت مقارنة مجموع الباعة المنتصبين في ذلك التاريخ بعدد الوصولات المقتطعة بعد أن تم إيداع كنش الوصولات لدى وكيل المقابيض وجود 142 بائعا لم يتم في شأنهم اقتطاع وصولات في استخلاص معاليم وقوفهم بالسوق.

 

ويشار إلى أنّ البلدية أعفت بناء على هذه المعاينات عوني الاستخلاص من مهامهما ولم تتول إحالة الملف إلى النيابة العمومية للتحقيق في شبهة اختلاس أموال عمومية. علما بأن المعاليم المستخلصة تطوّرت بنسبة 34% بعنوان السوق الأسبوعية المقامة مباشرة بعد أخذ هذا القرار.

 

وتدعى البلدية إلى الإلتزام بمنشور وزير الداخلية عدد 10 بتاريخ 7 جوان 2013 وبكرّاس الشروط النموذجي وذلك بالتنصيص ضمن وثائق اللزمة على الجهة التي تتحمل معاليم الكهرباء والماء و إلى تشجيع كلّ وحدات الإنتاج المشار إليها بالقانون عدد 86 لسنة 1994 سالف الذكر على ترويج منتوجاتها بالسوق وتخصيص مواقع لفائدتها كما أنه من المفيد أن تعمل السلط المعنية على تنظيم مهنة وكلاء البيع للحد من عدد الوسطاء.

 

وتوصي الدائرة بإنجاز التقييم اللازم لسير السوق الأسبوعية مع ضرورة تنظيمها وتسييجها وترقيم مواقعها وبالعمل على حوكمة التصرّف في الأسواق البلديّة وتنظيم الإطار القانوني للبتات بالمزاد العلني لضمان الشفافية والمساواة وكذلك بالإعداد المحكم لكراسات شروط اللزمات ومتابعة تنفيذها بما يمكّنها من تقييم نشاط الأسواق ومردوديتها.

 

 

III- التهيئة العمرانيّة والتراتيب البلديّة

 

نص الأمر عدد 2092 لسنة 1998 المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 والمتعلّق بضبط قائمة التجمعات العمرانيّة الكبرى والمناطق الحساسة الّتي تتطلب إعداد أمثلة توجيهيّة للتهيئة على أن المجال الترابي لولاية المنستير يتطلب إعداد مثال توجيهي للتهيئة. ورغم استكمال الدراسات بخصوصه منذ سنة 2008 فإنه لم يتم بعد إصدار أمر بالمصادقة على المثال التوجيهي للتهيئة العمرانية للجهة.

 

وقد ترتب عن عدم اعتماد هذه الأداة الهامة في التخطيط غياب رؤية واضحة لكيفية استغلال المجال الترابي للبلدية والمناطق المجاورة لها وتذبذب في تحديد مواقع المشاريع التي تحتاجها المنطقة حيث يتم تحديدها حسب ما يتوفر من أراضي على ملك البلدية دون الأخذ في الاعتبار تناسق تلك المشاريع مع محيطها واندماجها مع بقية المناطق المجاورة.

 

ومن أهم ما يذكر في هذا المجال أن مشروع استصلاح وتهيئة سبخة المكنين وتحسين الوضع البيئي المتدهور بها بكلفة تقديرية بلغت 30 م.د والذي كان يفترض حسب الدراسات الفنية أن يقع إنجازه خلال فترة المخطط الحادي عشر للتنمية 2007-2011 لم يسجّل تقدما. وقد أصبحت ضفاف السبخة مصبا عشوائيا تلقى فيه مختلف النفايات المنزلية والصناعية.

 

ولئن يعكس مثال التهيئة العمرانيّة للبلدية السياسة المنتهجة من أجل ضمان تطوّر عمراني متوازن فإن مثال التهيئة للبلدية مثلما تمت مراجعته بالأمر عدد 1481 لسنة 2010 المؤرخ في 14 جوان 2010 تضمن بعض النقائص ساهم فيها عدم المصادقة على المثال التوجيهي وعدم الاستئناس بالدراسات المنجزة في إطاره.

 

من ذلك أقرت تلك الدراسات بضرورة الرفع من نسبة تكثيف البناءات لترشيد استعمال الأراضي والاستجابة لتطور عدد السكان وإلى تركيز أحياء سكنية بمواقع وحدات صنع الآجر والفخار المتمركزة بين مدينتي قصر هلال والمكنين والتي توقفت عن النشاط. غير أن هذه التوصيات لم يقع تجسيمها بمثال التهيئة العمرانية للبلدية.

 

كما لم يشمل المثال مناطق التّوسّع العمراني من الجهة الغربيّة والجهة الجنوبيّة للمدينة مما ساهم خاصّة بعد سنة 2011 في اكتساح البناء الفوضوي للجهتين المذكورتين بنسبة فاقت على التوالي 70 % و50 % من مساحتها وفي بروز إشكاليات على مستوى تهيئة البنية التّحتيّة بها باعتبارها مناطق خارج مثال التّهيئة. وظلت هذه المناطق تشكو غياب الطرقات المعبّدة وانعدام التنوير العمومي والتطهير فضلا عن التّلوّث البيئي.

وفي سياق التهيئة العمرانية وخلافا للمنشور المشترك لوزيري الدّاخليّة والتّنمية المحليّة والتجهيز والإسكان والتهيئة التّرابيّة عدد 4 بتاريخ 7 جانفي 2004 حول المحافظة على الطّابع العمراني والطبيعي المميّز للمدن لم تبادر البلدية بتكريس الخصوصيات المميّزة لمدينة المكنين والمحافظة على معمارها التقليدي. فقد شهدت المدينة العتيقة إنشاء بناءات ذات طابع عصري لا تتلاءم مع خصوصية هذه المنطقة بما من شأنه أن يفقدها ميزاتها التاريخية.

 

وعلى صعيد آخر، لم توفر البلدية لنفسها الوسائل التي تتيح لها متابعة إنجاز مشاريع التقسيمات والتأكد من تقيد أصحابها بالتزاماتهم فيما يتعلق بإنجاز أشغال التهيئة وإتمامها واحترام التّراتيب العمرانية والارتفاقات. وتفتقر بالخصوص ملفّات التقسيمات التي تمت دراستها خلال الفترة 2012-2016 (مجموع 14 ملفا) لوثائق أساسية كمثال تحديد الارتفاعات عن الأرض والروزنامة التقديرية لإنجاز الأشغال ومذكرة التقديم وكراس الشروط الخاصّ بمؤثرات المحيط.

 

وسجل إصدار قرار المصادقة بخصوص التقسيمات المصادق عليها من قبل اللجنة الفنية المختصة تأخير بلغ في بعض الحالات قرابة الثلاث سنوات في حين حددت مجلة التهيئة الترابية والتعمير لذلك أجل بأربعة أشهر. ومن شأن هذا التقصير أن يؤدي إلى تأخير في إدماج الطرقات والمساحات الخضراء والساحات العموميّة والمساحات المخصّصة للتّجهيزات الجماعيّة في الملك العمومي أو في الملك الخاصّ للدولة أو للبلدية .

 

ولم تتولّ البلدية متابعة التّقاسيم المتواجدة على عقارات مسجّلة والتّنسيق مع مصالح ديوان قيس الأراضي والمسح العقاري وربط الصلة بإدارة الملكيّة العقاريّة قصد الحصول على الرسوم العقاريّة المستخرجة من الرسم الأمّ بإسم البلديّة.

 

ولم تستخدم البلدية في هذا المجال صلاحياتها المتعلقة بالمصادقة على التقسيمات لتنمية المساحات الخضراء بالمنطقة البلدية التي تشكو فعلا ضعفا في هذا المجال(10 م2 للساكن) مقارنة بالمعدّل الوطني لسنة 2014   (17 م2 للساكن). فقد تبيّن من خلال فحص عيّنة متكوّنة من 13 تقسيما من جملة 67 تقسيما خلال الفترة 2012-2016 أنه لم تتمّ برمجة إنجاز مساحات خضراء إلاّ في تقسيم واحد (490 م2 من جملة 18601 م2).

 

ومن جهة أخرى، أفرزت مراجعة 306 رخصة بناء مسندة في سنة 2016 أخطاء في احتساب المعاليم المستوجبة للمساكن ذات طابقين مندمجين فضلا عن عدم توظيف معلوم إشغال الطريق العام بمناسبة حضائر البناء. وبلغ النقص في المعاليم بعنوان 10 رخص تمت إعادة الحساب بشأنها ما قيمته 7 أ.د.

كما عمد رئيسا النيابة الخصوصية خلال الفترة 2014-2016 في 5 حالات من عينة تتكون من 14 ملفا إلى الإعفاء من المعاليم المستوجبة على إسناء رخص البناء أو التخفيض منها دون موجب.

 

وقد تشكل هذه الأعمال أخطاء تصرف على معنى القانون عدد 74 لسنة 1985 المؤرّخ في 20 جويلية 1958 المتعلق بتحديد أخطاء التصرف التي ترتكب إزاء الدولة والمؤسسات العمومية الإدارية والجماعات المحلية.

 

ولم تقم البلدية خصوصا بسبب نقص الموارد البشريّة بمعاينة أشغال البناء لمراقبة مطابقتها للأمثلة الملحقة بالرخصة ولم تصدر في هذا الشأن محاضر في إنتهاء الأشغال رغم إجبارية القيام بذلك بموجب الفصلين 73 و74 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير. ولا يساعد غياب الرقابة على التصدي للمخالفات المرتكبة واتخاذ الإجراءات الحينية بشأنها ليتم الاكتفاء في هذا المجال ببعض التدخلات بناء على شكاوى المتساكنين.

 

وتم الوقوف على أوجه قصور في أداء البلدية لدورها في مراقبة التراتيب داخل منطقتها وفي فرض إحترامها ساهم فيه إلحاق سلك مراقبي التراتيب البلدية بوزارة الداخلية وتكليف أعوانه بالمهام الاعتيادية لسلكي الأمن والحرس ليتراجع المجهود المخصص لمراقبة التراتيب البلدية والتصدي للمخالفات العمرانية بالخصوص.

 

من ذلك وخلافا لمنشور وزير الداخلية عدد 9 بتاريخ 29 ماي 2013 لا يتوفر لدى البلدية دفتر خاص بالمعاينات والمخالفات المسجلة مما يحول دون التأكد من إصدار القرارات المستوجبة للتصدي للتجاوزات المرتكبة ومن مآل الإجراءات المتخذة. كما لم تتول الشرطة البلدية رفع تقارير نشاطها دوريا للبلدية الأمر الذي لم يساعد على تأمين التنسيق اللازم ولم يسمح باحترام الاجراءات الواجب اتخاذها في هذا المجال.

 

ولوحظ بالخصوص أنµ التدخلات المنجزة تقتصر غالبا على معالجة الشكاوى الواردة من المواطنين أو من الإدارات الجهوية دون الإلتزام بما اقتضته مجلة التهيئة الترابية والتعمير ومنشور وزير الداخلية عدد 32 بتاريخ 2 نوفمبر 2012 من ضرورة رصد كل المخالفات العمرانية ومعاينتها وتحرير محاضر في شأنها وإحالتها إلى رئيس البلدية. وبالنسبة إلى الشكاوى المرفوعة من المواطنين فقد ظلّت 12 مراسلة وجهتها البلدية للشرطة والحرس البلديين لإجراء التحريات اللازمة خلال شهري نوفمبر        وديسمبر 2016 دون متابعة.

 

واتسمت بعض القرارات المتخذة من أجل فرض احترام التراتيب بانتقائية في التعامل مع المخالفات إذ أصدرت البلدية قرارات إزالة بشأن بعض المخالفات المرتكبة في أجل يوم أو يومين من اتصالها بمحضر المخالفة من الشرطة البلدية أو الحرس البلدي بينما تطلب إصدار قرارات بشأن العديد من المخالفات المعاينة فترات طويلة تجاوزت في بعض الحالات 300 يوم. ويندرج التصرف على هذا النحو في سياق مخالف لأحكام الفصول 80 و83 و84 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير كما أنه يمس من مصداقية السلطة البلدية ومن مبدأ المساواة فضلا عن أنه يضفي تعقيدا أكبر على إزالة المخالفة.

 

كما لم يتم تنفيذ سوى 13 قرارا من مجموع 340 قرار إزالة اتخذت خلال الفترة            2012-2016 أي بنسبة لا تتجاوز 4 %. ويعزى هذا الضعف في جانب منه إلى عدم مبادرة البلدية بتوفير الآلات والمعدّات اللازمة للهدم طبقا لطلبات الشرطة والحرس البلديين.و بيّنت المعاينة الميدانية التي أنجزها فريق دائرة المحاسبات صحبة عون بلدي خلال شهري أفريل وماي 2017 أن 7 قرارات إزالة لا تزال مواضيع المخالفات بشأنها قائمة إلى حدّ تاريخ المعاينة علما بأنّ الشرطة البلدية والحرس البلدي أفادا بحصول التنفيذ في الغرض.

 

وفي سياق مماثل تشهد المنطقة البلدية تفاقم ظاهرة الإشغال غير المرخص فيه للطريق العام والانتصاب العشوائي في نقاط عدة بالمدينة مما تسبب في إرباك الحركة المروريّة داخلها. وأبرزت المعاينة الميدانية للشوارع الرئيسية بالمدينة بتاريخ 12 ماي 2017 واستنادا إلى قائمة الرخص المسندة من قبل البلدية وجود 174 حالة إشغال غير شرعي للرصيف و5 حالات انتصاب فوضوي بالطريق العام كان يمكن لو يتم تنظيمها وإخضاعها للتراتيب الجاري بها العمل أن توفر للبلدية عائدات لا تقل عن 86 أ.د بعنوان 2017.

 

وبخصوص التراتيب الصحية ، لا تقوم المصلحة المعنية بالبلدية بكامل المهام المكلفة بها حيث يقتصر تدخلها على مراقبة الذبائح بالمسلخ البلدي وعلى مراقبة سوق السمك. ولم يتبين قيامها بأي نشاط خارج الفضاءين المذكورين خلال كامل الفترة 2012-2016 لتظل محلات الجزارة وبيع السمك الناشطة خارج السوق المركزية دون رقابة صحية تمارسها البلدية يذكر من بينها 16 محلا لبيع اللحوم والدواجن والسمك تمّ إحصاؤها فقط في 3 شوارع رئيسية بالمدينة. ومن تبعات هذا النقص يذكر تفاقم ظاهرة بيع اللحوم بدون ختم مما يشكّل خطورة على مستهلكيها وعلى الصحّة العامة.

 

وفي إطار حفظ النظام العام بالمنطقة البلدية خاصة تودع لديها عديد المحجوزات التي تسفر عنها الحملات الأمنية على وجه الخصوص. وبينت الأعمال الرقابية سوء حفظها بالفضاء المعروف بأرض السيم وضعف حمايتها. ولم تضع البلدية إجراءات للتنسيق مع الجهات المعنيّة قصد تصفيتها مما أدى إلى تراكمها واستحواذها على مساحات هامة من الأراضي التي كان يمكن تثمينها لغايات أخرى كأرض السيم التي تم شراؤها بمبلغ يفوق 1 م.د.

 

وتجدر الإشارة إلى أنّه تم في الفترة 2015-2017 رفع محجوزات من المستودع البلدي بإذن من رئيس النيابة الخصوصية دون دفع المعاليم المستوجبة في ح

 
ملخص التقرير
تحميل
طباعةالعودة