انتقاء حسب

أحدث التقارير

رسالة اخبارية

لتلقي آخر الأخبار المتعلقة بدائرة المحاسبات عبر بريدك الإلكتروني

27.12.2018 / النقل و التجهيز و الإسكان التقرير السنوي العام الواحد والثلاثون

إدارة الملكية العقارية

يضطلع السّجل العقاري(1) بدور رئيسي في حفظ الحق العيني وإشهاره للعموم وذلك بضبط حق الملكية وسائر الحقوق المتصلة به وفي تطوير البنيان الاقتصادي والاجتماعي من خلال ما يشكّله من ضمانة أساسية لاستقرار المعاملات العقاريّة ونموّها ضمن الأطر القانونية.

 

وحظي السجل العقاري بإطار قانوني ومؤسساتي خاص يضبط إجراءات مسكه وحفظه وذلك منذ إحداث إدارة الملكيّة العقاريّة في غرة جويلية 1885 وإصدار القانون عدد 5 لسنة 1965 المؤرخ في 12 فيفري 1965 والمتعلّق بإصدار مجلة الحقوق العينيّة في ما يلي"م.ح.ع"(2).

 

وأصبحت إدارة الملكيّة العقاريّة في سنة 1970 مؤسسة عموميّة ذات صبغة إداريّة بمقتضى قانون الماليّة لتصرّف سنة 1971(3). وألحقت بالوزارة المكلّفة بأملاك الدولة والشؤون العقاريّة بمقتضى القانون عدد 61 لسنة 1991 المؤرخ في 22 جويلية 1991 المتعلّق بإدارة الملكيّة العقاريّة. وضبط الأمر عدد 2788 لسنة 1999 المؤرّخ في 13 ديسمبر 1999 هيكلها التّنظيمي ([1]).

 

وتُعنى هذه المؤسسة طبقا للفصل 316 من م.ح.ع بإقامة الرسوم العقاريّة تنفيذا للأحكام الصادرة بالتسجيل وبحفظ الوثائق المتعلّقة بالعقارات المسجلة وبترسيم الحقوق والتحمّلات المتعلّقة بالعقارات المذكورة. وتسهر أساسا على التنصيص بالرسوم على كل تعديل يطرأ عليها وعلى تسليم سندات الملكيّة والشهادات وعلى تحرير الصكوك(5) المتعلّقة بالعقارات المسجلة حسب الفصل          377 مكرّر من م.ح.ع.

 

وبلغ سنة 2016 عدد أعوان إدارة الملكيّة العقاريّة 2133 عونا منهم 299 يباشرون بالإدارة المركزيّة و1834 موزعين على 20 إدارة جهويّة بنسبة تأطير بحوالي 62 %. وتتأتّى ميزانية المؤسسة من الموارد الذاتية التي تستخلصها بعنوان الخدمات العقارية التي تسديها والتي بلغت 46,165 م.د(6)           سنة 2016. وناهزت الاعتمادات المبرمجة للعنوان الأوّل لنفس السنة 52,92 م.د وصلت نسبة الإنجاز بشأنها 90% ومثّلت نفقات التأجير ما يقارب 77,3% من جملة هذه الاعتمادات. وبلغت الاعتمادات المبرمجة للعنوان الثاني 28,25 م.د لم يُستهلك منها سوى 5,6%(1).

 

وللوقوف على مدى توفّق إدارة الملكية العقارية في مسك وحفظ السجل العقاري بما يضمن حقوق المتعاملين عليه تولّت دائرة المحاسبات إنجاز مهمّة رقابيّة شملت مسك السجل العقاري وتوثيق نتائج العمليات العقارية وحفظ الرصيد الوثائقي والتصرّف الإداري والنظام المعلوماتي.

 

وشملت الأعمال الرقابيّة المصالح المركزيّة والجهويّة وغطتّ أساسا الفترة 2012-2016 وقام الفريق الرقابي بزيارات ميدانية للإدارات الجهوية بكل من تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة وبنزرت ونابل.

 

وأنجزت هذه المهمّة استئناسا بمعايير المنظّمة الدّوليّة للأجهزة العليا للرّقابة الماليّة والمحاسبة. وخلُصت إلى ملاحظات تعلّقت بعدم إلتزام إدارة الملكية العقارية بالنصوص القانونية والترتيبية الجاري بها العمل في مجال الترسيم وبعدم إنجاز العمليات العقارية والخدمات الإشهارية في آجال معقولة علاوة على الـتأخير المسجّل في تجسيم نتيجة مطالب الترسيم المقبولة بالرسوم العقارية وعلى محدودية توثيق المعطيات المتعلّقة بالسجل العقاري وعدم توفير الظروف الملائمة لحفظ الرصيد الوثائقي بالكيفيّة المطلوبة وبنجاعة جوانب من التصرف الإداري وبفعاليّة النظام المعلوماتي ممّا أثّر سلبا على أداء المؤسسة.

 

وتجدر الإشارة إلى أنّه لم يتم تلافي ملاحظات سبق لدائرة المحاسبات أن وقفت عليها في تقريرها السادس عشر حول إدارة الملكية العقارية تعلّقت أساسا بالتأخير في مجال النسخ والمقابلة وعدم شموليّة الفهرس الهجائي فضلا عن محدوديّة الإنجازات في مجال تحرير العقود .

 

 

 

 

 

 

 

 

أبرز الملاحظات

 

مسك السجل العقاري 

 

لم تلتزم إدارة الملكيّة العقاريّة بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل وذلك بقبول ترسيمات رغم وجود موانع قانونية للترسيم أو برفض الترسيم دون مبرّر. فقد تمّ رفض حوالي نصف مطالب الترسيم التي شملتها عيّنة من العرائض وذلك دون حق، ولم يتمّ التقيّد بتنفيذ منطوق أحكام قضائية وتمّ ارتكاب أخطاء في تحديد المنابات. وقد أضرّت هذه القرارات بمصالح المتعاملين مع المؤسسة وجعلها محل مساءلة قضائية في 148 قضيّة جارية إلى حدود جوان 2017.

 

واتسمت أعمال الرقابة اللاّحقة على أعمال الترسيم بالمحدوديّة إذ اقتصرت على الإجابة على العرائض مماّ لا يُمكّن من الجزم بخلوّ السجل العقاري من أخطاء لم يتمّ التفطّن إليها.

 

ورغم تحفيز الأعوان بربط إسناد منحة ماليّة بتحقيق الآجال المستهدفة في مجال انجاز العمليات العقارية إلّا أن 17% من الإدارات الجهويّة لم توفّق في ذلك سنة 2016 علاوة على ارتفاع الآجال خلال السداسية الأولى من سنة 2017 وتجاوزها لدى ثلث الإدارات ما هو مستهدف وبلغ أقصاها 3 أشهر بجندوبة مقابل 30 يوما  كأجل مضبوط. كما اتّسمت هذه الآجال بمختلف الإدارات الجهويّة بعدم الاستقرار على مدار السنة نظرا لكثرة الغيابات في الفترة الصيفية والسعي في آخر السنة لتدارك التأخير المسجّل والحصول على كامل المنحة (ذات العلاقة) وهو ما يبيّنه الرسم البياني التالي :  

 

 

المعدّلات الشهرية لإنجاز العمليات العقاريّة سنة 2016

 

 

وإدارة الملكيّة العقاريّة مطالبة بإيلاء مرحلة دراسة مطالب الترسيم العناية اللاّزمة والتقيّد بتنفيذ منطوق الأحكام القضائيّة وتعزيز الرقابة في المجال حتى يتسنّى ضمان صحة أعمالها والتفطّن إلى الأخطاء المرتكبة وإصلاحها في الإبان. وهي مدعوة إلى السعي للضغط على آجال إنجاز العمليات العقارية.

        - توثيق نتائج العمليات العقارية

 

سجلت إدارة الملكية العقارية تأخيرا في تضمين نتائج العمليات العقارية بالرسوم العقارية وصل في موفى جوان 2017 على التوالي إلى 10 ألاف و31 ألف عمليّة عقارية لم تُنسخ بالإدارة الجهويّة بمنوبة وسوسة منها ما يعود إلى سنة 1980 وإلى قرابة 23 ألف عمليّة لم تتم مقابلتها بالإدارة الجهويّة بتونس. وهو ما ينجرّ عنه عدم تطابق الرسوم العقارية مع وضعيتها الإستحقاقية ممّا لا يسمح بإسداء الخدمات الإشهارية  أو التفطن إلى الأخطاء في الإبان.

 

واتّسم الفهرس الهجائي بعدم الشمولية حيث لم يتم إلى غاية جوان 2017 تخزين سوى 46%  فحسب من مجموع الشهائد الواجب تخزينها وهو ما يُؤثّر سلبا في نتيجة خدمة الإستقصاء حول ملكية أو عدم ملكية المستقصى في شأنه.

 

ولتتمكّن إدارة الملكية العقارية من إسداء خدماتها الإشهارية بصفة دقيقة تدعوها دائرة المحاسبات إلى  تجاوز التأخير المسجّل في تضمين نتائج العمليات العقارية وإعتماد فهرس هجائي محيّن وشامل لكل المعطيات.

 

-    حفظ السجل العقاري

 

لا تستجيب محلات حفظ الأرشيف لكامل المواصفات المتعارف عليها من حيث التصميم والتهيئة ممّا عرّضها إلى حوادث تسبّبت في إلحاق أضرار متفاوتة الخطورة بالوثائق المحفوظة شملت حوالي 85 متر خطي وخسائر مادية بلغت قيمتها الجملية حوالي 248 أ.د. ولا تتوفّر أنظمة مقاومة الحرائق في وضع استخدام سوى في 20% من الإدارات الجهوية وهو ما يُهدّد سلامة الرصيد الوثائقي المحفوظ.

 

ولم تقم إدارة الملكيّة العقاريّة بترميم وتسفير حوالي كيلومتر ونصف من الرصيد الوثائقي الذي يصعب التعامل عليه ولم يتمّ تحوير سوى 383 رسما عقاريّا وذلك من جملة 56.737 رسما خلال الفترة 2009-جوان2017 وهو ما يُؤثّر سلبا على أعمال الترسيم والخدمات الإشهارية.

 

ولتأمين سلامة الرصيد الوثائقي يتعيّن على إدارة الملكية العقارية إعادة تهيئة محلات الأرشيف طبقا لقواعد الحفظ المعمول بها وتوفير الوسائل والتجهيزات الضرورية والإسراع في ترميم الوثائق البالية والحرص على تسفير أو تحوير الرسوم العقارية التي يصعب التعامل عليها.

    - التصرّف الإداري والنظام المعلوماتي  

 

رغم أنّ المؤسسة تواجه صعوبات في الترسيم تخصّ جوانبا قانونية تتطلّب اجتهادا لم يتمّ اتخاذ إجراءات عمليّة قصد توضيح هذه الجوانب وتوحيد التمشّي بشأنها. وفضلا عن ذلك اقتصرت الدورات التكوينيّة أساسا على مجال الأرشيف الذي استأثر بحوالي 50% من البرنامج في المجال خلال الفترة 2012-2016 دون أن تشمل المسائل الخصوصية.

 

ولا تتوفّر لدى إدارة الملكيّة العقاريّة معطيات مفصّلة حول المعاليم الراجعة إليها والمستخلصة لدى القباضات المالية التي توظّف خصما على المعاليم القارة في حين أن التشريعات تقضي أن يقتصر ذلك على المعاليم النسبية فحسب والذي قدّرته دائرة المحاسبات بحوالي 3,6 م.د خلال الفترة 2014-2016.

ولم يتمّ إلى غاية جوان 2017 استكمال تعميم المنظومة الإعلاميّة في نسختها الثانية على جميع الإدارات الجهوية للملكية العقارية حيث لم تُركّز بعدُ في 55 % من الإدارات.

 

ولتتمكّن من تحسين جودة الخدمات تدعى إدارة الملكية العقارية إلى تطوير كفاءة أعوانها وإيجاد الحلول الملائمة للصعوبات التي تواجهها في الترسيم وتوحيد التمشي بين الإدارات الجهويّة. وهي مطالبة بمزيد التنسيق مع الوزارة المكلّفة بالماليّة قصد إنجاز متابعة دقيقة وشاملة للموارد. ولتأمين مساندة فعّالة لأنشطتها يتعيّن عليها تحقيق الأهداف المرسومة في مجال الإعلاميّة.

 

I-   مسك السجل العقاري 

 

يتطلّب حسن مسك السجل العقاري إلتزام إدارة الملكيّة العقاريّة بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل في مجال الترسيم(1) وإنجاز العمليّات العقاريّة في آجال معقولة تضمن مصالح المتعاملين معها.

 

أ-دراسة مطالب الترسيم

 

تعتمد إدارة الملكية العقارية مسارا ثلاثيا لدراسة مطالب الترسيم يتمثّل في التحقيق والمراجعة والمراجعة العليا(2) وتُعنى إدارة مراقبة أعمال الترسيم والتحرير(3) بالرقابة اللاّحقة على نتائجها. إلاّ أن هذه الرقابة على محدوديّتها أثبتت أن مسار الدراسة لم يكفل دائما صحة الترسيمات. وفي مايلي رسم بياني يبيّن المسار المعتمد في دراسة مطالب الترسيم وتقديم مختلف الخدمات الإشهاريّة.

 

 

                                                                                                                            المصدر: إدارة الملكيّة العقاريّة

1-  صحة الترسيمات

 

تكتسي دراسة مطالب الترسيم أهميّة بالغة إذ يكتسب قرار الإدارة بالقبول أو بالرفض شرعيّته على ضوء دقّة إنجاز هذه المرحلة. ومكّن النظر في العرائض والاستشارات الواردة على الإدارة المكلّفة بالمراقبة خلال الفترة 2012-2016 والبالغ عددها 723 وعلى تقارير الإجابة عليها، من الوقوف على أخطاء في السجل العقاري انعكست سلبا على حقوق المتعاملين عليه وعلى مصداقيّة المؤسسة تمحورت أساسا حول ترسيم عمليّات عقاريّة رغم وجود موانع للترسيم وتنفيذ أحكام قضائية وتحديد المنابات خطأً. وأمام غياب رقابة دوريّة على عمليات الترسيم لا يمكن الجزم بخلوّ السجل العقاري من أخطاء أخرى لم يتم التفطّن إليها بعد.

 

ولئن لجأت إدارة الملكية العقارية كلّما أمكن ذلك إلى إصلاح هذه الأخطاء على معنى الفصل 391 من م.ح.ع(1)، في صورة عدم اتصال حق الغير حسن النيّة بالعقار(2)، بعد اكتشافها سواء عبر تظلّم المعنيين أو التفطّن لذلك بمناسبة دراسة مطالب ترسيم لاحقة، فإنّ ذلك لم يجنّبها أن تكون محل مساءلة قضائية(3) في إطار 148 قضيّة جارية إلى حدود جوان 2017. كما تمّ رفع قضايا للطعن في قرارات حافظ الملكيّة العقاريّة بلغ عددها 207 خلال الفترة 2015 - جوان 2017. ولا تتوفّر لدى المؤسسة معطيات حول مآل هذه القضايا.

 

وعلاوة على ذلك ورغم الأخطاء المرتكبة لم يتمّ اتخاذ عقوبات تأديبية سوى في ما يتعلّق بثلاثة أخطاء خلال الفترة 2012- جوان 2017.

 

1.1-     ترسيم عمليّات عقاريّة رغم وجود موانع للترسيم

 

تولّت إدارة الملكية العقارية ترسيم عمليّات عقاريّة بالرغم من وجود موانع قانونية للترسيم(4) مضمّنة بالرسم العقاري أو متعلّقة بمطلب الترسيم.

 

إذ تمّ خلافا لأحكام الفصل 453 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية(5) ترسيم بيع سنة 2013 رغم وجود إنذار قائم مقام عقلة عقارية. وأرجعت إدارة الملكية العقارية ذلك إلى تقصير في دراسة الملف تمثّل في عدم الإطّلاع على الرسم وقائمة العمليّات الجارية بالكيفيّة المطلوبة ولم يتمّ إصلاح هذا الخطأ سوى سنة 2015.

 

كما تمّ ترسيم عقد هبة سنة 2016 رغم وجود اعتراض تحفظي مدرج برسمين عقاريين بصفاقس ويرجع ذلك إلى الاستناد على شهادة ملكية غير محيّنة دون الرجوع إلى بيانات الرسم العقاري المعني وذلك خلافا لما تقتضيه قواعد التحقيق في العمليات العقارية المبيّنة بدليل إجراءات إدارة الملكية العقارية(1).

 

وخلافا للفصل 13 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلّق بتحيين الرسوم العقارية(2) تمّ ترسيم عمليّات عقاريّة برسوم تضمّنت تنصيصات على مطالب تحيين من ذلك تم ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية برسم عقاري ببنزرت سنة 2015 وثلاث بيوعات بالإدارة الجهويّة بالكاف سنة 2016. وفي نفس السياق وبالرغم من التنصيص على إيقاف التعامل على رسم العقاري سنة 2016 رغم تضمّن الرسمين على مطالب تحيين في إطار الصعوبة التنفيذية المرتبطة بمطلب تحيين أُدرج به بيع بتاريخ لاحق(3).

 

كما تمّ أيضا استخراج قطعة أرض سنة 2012 من رسم عقاري بولاية بنزرت وإدراج ترسيمات لاحقة بشأنها بالرغم من أنّها مشمولة بمطلب تحيين ولم تتمكّن الإدارة من إصلاح الخطأ نظرا لاتصال حق الغير.

 

وعلاوة على ذلك، تم قبول ترسيمات رغم تعارض المطلب مع مقتضيات القانون شكلا أو موضوعا أو مع بيانات الرسم العقاري من ذلك تمّ ترسيم بيعين برسم عقاري بالرغم من وفاة الموكّلة قبل تاريخ البيع وذلك خلافا للفصل 1157 من مجلة الإلتزامات والعقود. وتعذّر إصلاح هذا الخطأ باعتبار اتصال حق الغير ممّا اضطرّ الإدارة للالتجاء إلى المحكمة العقارية للبتّ في المسألة.

 

ولم يتم التفطّن إلى خطأ ارتكبته الإدارة منذ سنة 1976 إلاّ خلال سنة 2012 وذلك من خلال قبول ترسيم دون مراعاة شرط الترخيص المسبق لوزير الفلاحة خلافا للتشريع الجاري به العمل(4) ولم تتمكن من إصلاح هذا الخطأ. كما تمّ الوقوف سنة 2013 على ترسيم بيع بالرغم من تباين عدد الأجزاء المراد بيعها بين العقد وترخيص الوالي ممّا ساهم في تشتّت ملكية أرض فلاحيّة(5). وحيث وُظّفت رهون إختيارية على عدد من المنابات فإنّه تعذّر على الإدارة مباشرة الإصلاح الإداري في الغرض.

وتبين على ضوء دراسة عريضة واردة سنة 2012 وجود تقصير في دراسة ملف ترسيم نتج عنه قبول عقد بيع مزوّر سنة 2005 ورغم أنّ تاريخه سابق لتاريخ إحداث الرّسم العقاري إلاّ أنّه تمّ التنصيص صلبه على معرّف الرّسم الذي لم يكن محدثا في ذلك التاريخ فضلا على أنّ البائع متوفـيّ في تاريخ تحرير العقد المذكور(1).

 

2.1-     تنفيذ الأحكام القضائية

 

شملت الأخطاء المرتكبة تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة العقارية نظرا لعدم إيلاء دراسة مطالب الترسيم العناية الكافية. من ذلك عدم إلتزام الإدارة الجهويّة بالقصرين بتنفيذ ما ورد بحكم تحيين نتج عنه عدم وضوح الوضعية الإستحقاقية للرسم العقاري وللرّسوم المتولـّدة عنه. ورغم أنّ الإدارة المركزية لفتت نظر الإدارة الجهوية إلى ذلك سنة 2013 إلاّ أنّها واصلت إدراج بيوعات بالرسم المذكور مما حال دون إصلاح الترسيمات التي اتصل بها حق الغير. كما أنّه وعند تنفيذ ثلاثة أحكام تحيين سنة 2008 تتعلّق بقسمة عقار تمّ السّهو عن ذكر الطرقات المشتركة وعن فرز عدد من القطع برسم مستقل ولم يتم إصلاح ذلك سوى سنة 2016 بناءً على عريضة أحد المتضررين.

 

وتسبّب عدم التقيّد بما ورد بالحكم الابتدائي المتعلّق بترسيم المقاسمة المدرجة برسم عقاري بنابل في إسناد رسمين عقاريين إلى الدولة في حين أنّهما يعودان إلى شخصين طبيعيين(2).

 

وتمّ ترسيم قيد إحتياطي سنة 2011 برسم عقاري شمل قطعة أرض فحسب في حين أنّه يتعلّق بقطعتين ولم تتمكّن الإدارة من الإصلاح باعتبار أنّه تم إفراد القطعة المعنيّة برسم مستقل وإدراج ترسيمات لاحقة به.

 

3.1- تحديد المنابات

 

يعتبر تحديد منابات المالكين من بين مكوّنات أعمال التحقيق التي تقتضي البحث في ما تبقّى للمالك من منابات إلاّ أنّه تمّ ترسيم عمليّات عقاريّة رغم تجاوز مالكيها المنابات الراجعة لهم. ورغم ما ترتّب عن ذلك من إضرار بالمتعاملين مع الإدارة من خلال ضياع حقوقهم أو تعقيد الحالة الاستحقاقيّة للرسوم لم تتخذ إدارة الملكية العقارية إجراء لتفادي ذلك سوى سنة 2017 وذلك بمقتضى المذكرة عدد 8 لسنة 2017 المتعلّقة برفض ترسيم الصكوك المتعلّقة بمنابات غير محدّدة بلسان القلم أو بالأرقام.

إذ رسّمت كل من الإدارة الجهويّة ببنزرت وبنابل على التوالي ثلاث بيوعات بداية من               سنة 2014 وخمس بيوعات بداية منذ سنة 2012 رغم تفويت البائعين سابقا في مناباتهم. كما لم تتفطّن الإدارة الجهويّة بباجة سوى سنة 2015 إلى بيع تمّ ترسيمه سنة 2011 رغم أنّ البائع لم يعد يملك منذ سنة 1996.

 

كما انجرّ عن ترسيم خاطئ إقصاء بعض المالكين على غرار منح الإدارة الجهويّة بالقصرين سنة 2013 منابات أحد الشركاء لفائدة أخيه ولم يتمّ مباشرة أي إصلاح في الغرض في انتظار مآل مطلب التحيين. كما ترتّب عن التقصير في دراسة ملف مقاسمة سنة 2000 حرمان مواطن من حقه في ملكية نصف مساحة عقارين ببنزرت ولم يتمّ الإصلاح سوى سنة 2015. وفسّرت الإدارة ذلك بانعدام الخبرة الكافيـة لدى المحقّقة المتربّصة آنذاك كما أنّ المُكلّف بالمراجعة عون وحيد في تلك الفترة ممّا يولّد ضغطا يفرز إمكانية تسرّب الخطأ.

 

وبالرغم من تأكيد الإدارة المكلّفة بالمراقبة على أنّ الوثائق المرفقة بمطلب ترسيم واضحة بما يكفي لضبط المنابات تمّ سنة 2015 إقصاء أحد الشركاء في الملك وإقحام المتنازلين عن مناباتهم بالرسم العقاري.

 

وتمّ سنة 2015 قبول ترسيمات برسم عقاري بتونس لم تتضمّن تحديد المنابات بدقة ممّا أدّى إلى إثراء المستفيدة من الخطأ على حساب بقية المالكين ولم تتمكّن الإدارة من الإصلاح نظرا لاتصال حق الغير.

 

وقصد الحفاظ على مصداقية السجل العقاري وحقوق المتعاملين عليه وتفادي قيام مسؤولية الدولة تجاه المتضررين فإنّ إدارة الملكيّة العقاريّة مدعوّة إلى إيلاء مرحلة دراسة مطالب الترسيم العناية اللاّزمة والتقيّد بتنفيذ منطوق الأحكام القضائيّة.

 

2- الرقابة اللاّحقة

 

لا تتمّ مراقبة أعمال الترسيم والتحرير دوريّا وفقا لبرنامج سنوي يُعدّ مُسبقا بخصوص العمليات العقارية المنجزة والعقود المُحرّرة وهو ما لا يضمن التأكّد من شرعية نتائج الترسيمات مقبولة كانت أو مرفوضة وجودة العقود المحرّرة.

 

حيث اقتصرت الإدارة المكلّفة بالمراقبة أساسا على الإجابة على العرائض واستشارات الإدارات الجهوية. وتمّ تفسير ذلك بضعف الإمكانيات اللّوجستية وبنقص الأعوان المكلّفين بالمراقبة والذي بلغ عددهم ثلاثة أعوان في موفى جوان 2017. ولا تتمّ مراقبة العمليات العقاريّة المرفوضة والتي لم ترد في شأنها عرائض والتي وصل معدّلها إلى 147.539 خلال الفترة 2014-2016 وهو ما يفوق 31% من جملة المطالب المقدمة للترسيم خلال نفس الفترة.

 

ولئن أرجعت الإدارات الجهوية ذلك أساسا إلى عدم توفّر بعض الشروط الموضوعية أو الشكلية في مطلب الترسيم فإنّ محدوديّة عمليات الرقابة على المطالب المرفوضة تحول دون التأكّد من التزام الإدارة بالفصل 388 من م.ح.ع(1) ومن تجنّب تحوّل الرفض إلى أداة تعسّف الإدارة على منظوريها حيث قاربت نسبة مجانبة الإدارة الصواب في رفضها لمطالب الترسيم في عيّنة من العرائض ما قدره 48%(2).

 

وخلافا للمذكرة عدد 18 لسنة 1996 المتعلّقة بتطبيق أحكام الفصل 391 من م.ح.ع لم يتم عرض سوى 5% من جملة الإصلاحات المنجزة والبالغ عددها 900 عملية خلال الفترة 2012-2016 على الإدارة المكلّفة بالمراقبة وهو ما من شأنه المسّ من حقوق المتعاملين على السجل العقاري خاصّة وأنّها وقفت من خلال النظر في الإصلاحات التي أحيلت عليها أنّ 11% منها لم تكن في محلّها.

 

وكان ذلك شأن إصلاح ترسيم سنة 2012 الذي لم يشمل جميع جوانب الخطأ المرتكب من حيث عدد الأشخاص ومناباتهم. وكذلك الإصلاح الوارد في نفس السنة برسم عقاري بنابل والذي اعتبرته الإدارة المكلّفة بالمراقبة متعلّقا بطبيعة الحق ويقتضي اللّجوء إلى القضاء لإصلاح الخطأ(3).

 

وعلى صعيد آخر، لاتتمّ مراقبة أعمال تحرير العقود المسندة منذ سنة 1992 لإدارة الملكية العقارية(4) بمقتضى أحكام الفصل 377 مكرّر من م.ح.ع(5). والتي اتسمت بالمحدوديّة إذ بلغت خلال الفترة 2014-2016 في المعدّل 1754 أي ما يعادل 0,5% من جملة العقود المقدّمة للترسيم رغم أن معلوم إسداء هذه الخدمة يعتبر منخفضا(6) مقارنة بالمعاليم التي توظّفها الأسلاك الأخرى. ويُعزى ذلك أساسا لغياب التعريف بوظيفة التحرير وبمميّزاتها.

 

ومن شأن ضعف الإنجازات في هذا المجال أن يحرم إدارة الملكية العقارية من تحقيق موارد ماليّة إضافيّة وأن يحول دون حصول المواطن على خدمة ذات جودة وبأقل تكلفة. وقد سبق لدائرة المحاسبات الإشارة إلى ذلك في تقريرها السادس عشر حول إدارة الملكيّة العقاريّة.

 

وتدعو دائرة المحاسبات إدارة الملكية العقارية إلى إعداد برنامج سنوي يضبط المهام الرقابيّة المزمع إنجازها ودعم الإدارة المكلّفة بالمراقبة بالإمكانيات البشرية واللّوجستية الكافية للإضطلاع بمهامها على الوجه الأمثل. وباعتبار الآثار القانونية التّي يمكن أن تترتّب عن رفض مطالب الترسيم وعن إصلاح الأخطاء فإنّه يتعيّن عليها تعزيز الرقابة في هذا المجال.

 

ب- الآجال

 

يتطلّب حسن أداء إدارة الملكيّة العقاريّة لمهامها الالتزام بالآجال المضبوطة غير أنّها لم تُوفّق في ذلك في مجال ترسيم العمليات العقارية وفي تنفيذ الأحكام القضائية وتقديم الخدمات الإشهاريّة.

 

1-  ترسيم العمليات العقارية

 

تضبط إدارة الملكيّة العقاريّة سنويا منذ سنة 2013 لكل إدارة جهوية أجلا أقصى لإنجاز العمليّات العقاريّة يُسمّى "الأجل الهدف" يتمّ تحديده وفقا لمقاييس مضبوطة(1). ولئن ساهم تحفيز الأعوان من خلال إحداث منحة الإشهار العقاري(2) وتطوّر النظام المعلوماتي في تراجع عدد الإدارات الجهوية التي لم تُحقّق الأجل الهدف من 11 إلى 3 إدارات خلال الفترة 2014-2016 إلاّ أنّ الآجال المسجلّة لم تتّسم بالاستقرار على مدار السنة وأثّر إرجاء البت في مطالب الترسيم في صحّة الآجال المحتسبة وأضرّ بمصالح المتعاملين مع الإدارة.

 

1.1- آجال الانجاز

 

لم تُوفّق 17% من الإدارات الجهويّة في بلوغ الأجل الهدف خلال سنة 2016. وتجاوز معدّل آجال الإنجاز بثلث الإدارات الآجال المستهدفة خلال السداسيّة الأُولى من سنة 2017(3) وقاربت الآجال الثلاثة أشهر بالإدارة الجهوية بجندوبة وبلغت إلى 69 يوما بنابل و59 يوما بتونس ومدنين مقابل على التوالي 30 و29 و30 و15 يوما كآجال مستهدفة. وهو ما عطّل مصالح المتعاملين مع الإدارة ويعود ذلك حسب إفادات أغلب المديرين الجهويين إلى الغيابات والإضرابات التي وصلت إلى 10 أيام متتالية خلال شهر أفريل 2017 والتي نفذّها مايقارب 1220 عونا.

 

علاوة على ذلك، حجبت المعدّلات السنويّة للآجال عدم استقرار الآجال المنجزة على مدار السنة. إذ قاربت أقصاها خلال سنة 2016(1) لـحوالي 50% من الإدارات الجهوية ضِعف المعدّلات السنويّة. وتميّزت الفترة الممتدة بين شهري جوان وأوت بالنسبة لحوالي 60% من الإدارات(2) بارتفاع آجال الإنجاز مقارنة بالمعدّلات السنويّة المحقّقة في حين عرفت معدّلات شهر ديسمبر انخفاضا مقارنة بالمعدّلات السنويّة بحوالي نصف الإدارات الجهوية ويذكر من ذلك أنّ الفارق بين معدّلات الآجال المنجزة خلال الفترة الصيفية وشهر ديسمبر قد بلغ 30 يوما بالإدارة الجهوية بسيدي بوزيد. وتعود هذه الوضعية أساسا إلى كثرة غيابات الأعوان خلال الفترة الصيفية وإلى الحرص في نهاية السنة على الضغط على الآجال للحصول على المنحة كاملة. ومن شأن تحقيق آجال مطوّلة وعدم الحفاظ على استقرارها  الإضرار بمصالح المتعاملين مع الإدارة.

 

علاوة على ذلك لم تلتزم في المعدّل 85% من الإدارات الجهوية خلال الفترة 2014-2016 بالأجل الأقصى البالغ 10 أيام(3) بالنسبة للعمليات المتعلّقة بالرهون إذ وصل إلى 38 يوما بالإدارة الجهويّة بتونس خلال نفس الفترة. ويعود ذلك إلى أن جميع الإدارات باستثناء أريانة تدرج مطالب الرهون في نفس اليوميّة(4) مع مطالب الترسيم الأخرى وذلك رغم أن المنظومة الإعلامية تسمح بختم يومية الرهون على حدة.

 

2.1-     مصداقية الآجال المحتسبة

 

لم تعكس الآجال الـمُعلن عنها لإنجاز العمليات العقارية الآجال الفعلية. ويعود ذلك إلى إعادة تضمين المطالب المتلقاة وإلى عدم تضمين بعض المطالب باليوميّة فور ورودها على غرار تقسيمات البناءات العمودية.

 

وتتمثّل عمليّة إعادة التضمين في إرجاء البت في نتيجة مطلب ترسيم من خلال إدراجه بيوميات لاحقة. ورغم مخالفة ذلك للفصل 388 من م.ح.ع(1) ولمذكرات حافظ الملكيّة العقاريّة(2) فإنّه وباستثناء الإدارتين الجهويتين بصفاقس ومدنين قامت بقيّة الإدارات بإعادة تضمين مطالب الترسيم خلال الفترة 2014-2016. ولئن لم تتعدّ نسبة المطالب المعاد تضمينها سنويا 5% من جملة المطالب المقدّمة خلال نفس الفترة إلاّ أنها بلغت في المعدّل 17.320 عمليّة. علما

 
طباعةالعودة