انتقاء حسب

أحدث التقارير

رسالة اخبارية

لتلقي آخر الأخبار المتعلقة بدائرة المحاسبات عبر بريدك الإلكتروني

26.12.2018 / تمويل الاقتصاد و التنمية التقرير السنوي العام الواحد والثلاثون

الدين العمومي الخارجي

يعتبر الدين العمومي من أهم الآليات المعتمدة لتمويل ميزانية الدولة بهدف تجسيد سياستها الاقتصادية والاجتماعية وتجسيم تدخلاتها عبر إنجاز المشاريع العمومية. وبلغ حجم هذا الدين  55.921 م.د في سنة 2016 وحوالي 68.037 م.د في سنة 2017 مقابل 28.779 م.د في سنة 2011. ويمثل الدين العمومي الخارجي (36.413 م.د) حوالي 65 % من الدين العمومي مقابل حوالي 58 % في   سنة 2011 ( 16.701 م.د(.  وتبلغ هاته النسبة حوالي 69 %  في سنة 2017(1).

 

وبالنظر إلى أهمية المخاطر والرهانات المرتبطة بالدين العمومي الخارجي سواء من حيث تأثيره على مؤشرات الاقتصاد الكلي والتوازنات العامة أو من حيث المساهمة في تحقيق الأهداف التنموية تولت الدائرة إنجاز مهمة رقابية تخص التصرف في الدين العمومي الخارجي.

 

وبلغت القيمة الجملية للسحوبات بعنوان القروض الخارجية خلال الفترة من سنة 2012 إلى سنة 2016 حوالي 18.725 م د متأتية من 123 قرضا تم إبرامها لدى 16 مموّل وموزعة بين الدعم المباشر للميزانية بقيمة 9.414 م.د تم إبرام قروضها أساسا لدى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية وتمويل المشاريع والبرامج بقيمة 2.557 م.د. وتمت تعبئة هذه التمويلات أساسا لدى 4 جهات مموّلة وهي البنك الأوروبي للاستثمار (15 %) والبنك الإفريقي للتنمية (15%) والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (13%)  والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (12%). وقد بلغ معدّل نسبة السحوبات في موفى سنة 2016 حوالي 41 %.

 

وتتولى وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي (في ما يلي وزارة التنمية) إبرام الجزء الأوفر من القروض الخارجية وخاصة منها متعددة الأطراف والمسندة من طرف المؤسسات المالية الحكومية (الوكالة الفرنسية للتنمية، البنك الياباني...) والصناديق الحكومية (صندوق أبوظبي، الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية...) في حين تتولى وزارة المالية إبرام قروض المزودين وكذلك قروض السوق المالية العالمية وذلك فضلا عن تأمين تسديد المبالغ المستحقة بعنوان الدين العمومي. وبالنظر إلى أهمية الدور الموكول إلى الوزارتين المذكورتين من حيث ضبط الحاجيات من موارد الاقتراض وتعبئتها وتقييم استعمالها شملت المهمة الرقابية الميدانية خاصة هاتين الوزارتين وغطت أساسا الفترة 2011- 2016.

 

واستندت الدائرة في تقييم التصرف في الدين العمومي الخارجي أساسا إلى المنهجية المعتمدة من قبل الأنتوساي. ففضلا عن الملفات الممسوكة من قبل المصالح المكلفة بالتصرف في الدين والتي تتعلق بإعداد وتنفيذ ومتابعة المشاريع والإصلاحات المتعلقة بهذه القروض تم استغلال المعطيات المضمنة بتقارير "التقييم الأولي" و"متابعة تنفيذ الأشغال" و"نهاية الأشغال" و"تقييم الأداء" الصادرة عن مؤسسات التمويل. كما تم الاستناد إلى تقارير صادرة عن جهات مختصة حول تنافسية الاقتصاد التونسي.

 

وبالإضافة إلى ذلك وقصد الوقوف على نتائج القروض التي تم سحبها خلال الفترة           2011-2016 لتمويل برامج إصلاحات تولت الدائرة توجيه(1) طلب معطيات إلى مجلس التحاليل الاقتصادية وإلى 8 وزارات معنية بهذه البرامج (2)وإلى كل من مركز التكوين ودعم اللامركزية والمعهد الوطني للإحصاء. وتلقت الدائرة ردودا من طرف الهيكلين الأخيرين و3 وزارات(3) .

 

كما تم بخصوص القروض المخصصة لتمويل مشاريع توجيه طلب معطيات إلى أهم المستعملين لهذا الصنف من القروض وهم وزارة الفلاحة والموارد المائيّة ووزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية ووزارة التّعليم العالي والبحث العلمي وتكنولوجيّات الاتّصال.

 

وبالرغم من التطور المتواصل لحجم الدين العمومي الخارجي وارتفاع كلفته وتنامي المخاطر المرتبطة به وتأثيره على التوازنات العامة الداخلية والخارجية فإنه لم يتم تفعيل أدوات التصرف النشيط الكفيلة بالحد من هشاشته. وساهم التأخير في سحب قروض دعم الميزانية الناجم أساسا عن البطء تجسيم الإصلاحات المرتبطة بها في تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي.


 

أبرز الملاحظات

 

فضلا عن النقائص التي شابت التصرف في الدين العمومي الخارجي والمتصلة أساسا بهيكلة الدين العمومي وارتفاع هشاشته والتي تولت الدائرة رفعها في تقاريرها السابقة أفضت المهمة الرقابية إلى إخلالات تعلقت أساسا بتفاقم الدين العمومي الخارجي وضعف استغلال الآليات المتاحة للحد من مخاطره فضلا عن محدودية نتائج القروض الخارجية المسندة سواء لتمويل المشاريع التنموية أو لدعم الميزانية وذلك من حيث الإعداد وصرف الأقساط والتنفيذ.

 

-       ضبط الأهداف وتحقيق التقديرات بعنوان الدين الخارجي

 

في ظل غياب وثيقة إستراتيجية الدين العمومي تم وضع أهداف استراتيجية بخصوص التداين العمومي للفترة 2011-2016 ضمن تقارير القدرة على الأداء دون أن يتم تحقيقها خاصة في ما يتعلق بتدعيم حصة السوق الداخلية والترفيع في مدة سداد قروض السوق المالية العالمية وإيجاد آليات تمويل جديدة وإرساء وكالة التصرف في الدين العمومي.

 

واستنادا إلى المنهجية المعتمدة في إطار "برنامج النفقات العمومية والمساءلة المالية"(1) كان ترقيم البلاد التونسية في خصوص دقة ضبط التقديرات بعنوان موارد الاقتراض الخارجي في أغلب الأحيان في مستوى منخفض (D*) وذلك الرغم من إصدار قوانين مالية تكميلية بصفة شبه آلية مما أدى إلى اللجوء إلى السوق العالمية أو إلى امتصاص السيولة الموجودة بالسوق المالية الداخلية قصد تمويل عجز الميزانية.

 

لذا توصى الدائرة بالعمل على تجسيم الأهداف المضبوطة بخصوص التداين الخارجي وبتعبئة موارد الاقتراض المبرمجة ضمن قوانين المالية لتفادي الضغوطات التي يمكن أن تترتب عنها في مستوى التوازنات المالية للبلاد.

 

-       تفاقم الدين العمومي الخارجي 

 

تواجه ميزانية الدولة ضغوطات منذ سنة 2012 حيث تمّ تسجيل نسب عجز مرتفعة ومتواصلة فاقت نسبة العجز الأمثل التي تمّ ضبطها في حدود 3,92 % من الناتج المحلي الإجمالي. وتراجعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تشكل بديلا للتداين سواء لتمويل عجز الميزان الجاري أو لتمويل الاقتصاد إلى 27,5% من جملة التمويل الخارجي متوسط وطويل الأجل في سنة 2016 مقابل معدل سنوي قدره 46,2   % خلال الخماسية 2006-2010. 

وأدّت هذه الوضعية إلى ارتفاع متواصل للتداين العمومي خلال الفترة 2011-2016 بمعدل 17 نقطة لتبلغ نسبته 62 % في سنة 2016.  وتجاوزت منذ سنة 2014 نسبة التداين العمومي الأمثل والتي تمّ ضبطها في حدود 48,5  %. وبلغ الدين العمومي الخارجي 36.413,400 م.د في سنة 2016 وحوالي 46.644 م.د في سنة 2017. مع الإشارة إلى أن ميزانية الدولة ستواجه ضغوطات خاصة خلال سنتي 2021 و2025 تتمثل في تسديد ما يعادل ألف مليون دولار بعنوان كل سنة. كما أن تسديد القروض المبرمة إلى غاية 31 ديسمبر 2016 سيتواصل إلى سنة 2055.  وبلغت الالتزامات بعنوان الاقتراض الخارجي خلال الفترة 2011-2016  ما يناهز 38.542 م.د استأثرت منها قروض دعم الميزانية بحوالي 27.545 م.د وتعلق الباقي بالقروض الخارجية الموظفة.

 

ويبرز الرسم البياني التالي تطور أهم المؤشرات المتعلقة بالدين العمومي الخارجي والمتمثلة في الالتزامات والاستعمالات والدين الباقي للتسديد خلال الفترة 2011- 2016  :

 

 

 

وساهم تراجع الترقيم السيادي لتونس في ارتفاع كلفة الاقتراض من السوق المالية العالمية حيث بلغ معدل نسبة الفائدة بخصوص القروض الرقاعية المضمونة 2,0492 % خلال الفترة           2011-2016 وبلغت فائدة القرض الرقاعي غير المضمون الصادر في سنة 2015 ما نسبته 5,75 %. وتدعو الدائرة في هذا الإطار إلى ضرورة ترشيد الاقتراض من السوق المالية العالمية والحد من كلفته نظرا لصيغة تسديده الذي يتم دفعة واحدة مما من شأنه أن يعرض الدولة إلى مخاطر إعادة التمويل.

 

 

 

-                التصرف في المخاطر المتعلقة بالدين العمومي

 

تتمثل الأهداف المتصلة بالحد من مخاطر الدين الخارجي أساسا في التخفيض في مناب هذا  الدين وتنويع عملات التداين والتخفيض من نسب الفائدة المرتبطة بالقروض ذات نسب الفائدة المتغيرة والتمديد في مدة السداد.

 

وبلغ مناب الدين العمومي الخارجي والدين الخارجي بنسبة فائدة متغيرة على التوالي 65 % و24 %. ويعود ذلك خاصة إلى تضاعف قروض السوق المالية العالمية بحوالي ثلاث مرات مقارنة              بسنة 2011 لتبلغ 12.239,3 م.د سنة 2016.  وتراجعت مدة إصدار هذه القروض حيث أبرمت القروض الرقاعية بضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لمدة 10 سنوات وبلغ معدل مدة إصدار القروض الرقاعية بضمان الحكومة الأمريكية 6,33 سنة خلال الفترة 2011-2016 مقابل معدل                17 سنة لقروض السوق المالية عموما قبل 2011. ويعود ذلك إلى تدهور الترقيم السيادي الذي تراجع من BBB مع آفاق سلبية في بداية 2011 إلى BB - مع آفاق سلبية في موفى 2016 ثم إلى B + مع آفاق مستقرة سنة 2017.

 

وانجر عن تدهور الدينار سنة 2016 خاصة أمام أهم العملات الأجنبية وهي اليان الياباني والدولار والأورو بما نسبته على التوالي 18 % و14 %  و10 % ارتفاع في الدين العمومي الخارجي بما قيمته 3.890 م.د  وهو ما يمثل 13 % من حجم هذا الدين لسنة 2015.

 

وفي المقابل بقيت عمليات الحد من المخاطر المتعلقة بالدين الخارجي محدودة حيث اقتصرت على تغطية مخاطر ارتفاع نسبة فائدة قروض البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية وذلك بالرغم من تنصيص الاتفاقية الإطارية على إمكانية تغطية قروض لمقرضين آخرين. وأفادت الوزارة أنه يتم العمل في إطار مفاوضات على تحسين الاتفاقيات المذكورة.

 

وتؤكد الدائرة على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مخاطر الصرف وذلك من خلال المفاضلة بين العملات حسب مدى استقرار كل منها في حافظة الديون.

 

-                إعداد برامج الإصلاحات والمشاريع الممولة بموارد خارجية

 

تمّ إعداد البرامج والمشاريع الممولة بقروض خارجية خلال الفترة 2011-2016 في غياب مخطّط للتنمية. ويذكر بخصوص القرض المبرم في جوان 2011 لدى البنك الإفريقي للتنمية أنّ برنامج "دعم الحوكمة والتنمية الشاملة" المتعلق به تمّ تصميمه على ضوء التوجهات الإستراتيجية المضمنة بمخطط التنمية للفترة 2007-2011. كما تمّ إعداد برامج الإصلاحات لسنوات 2012 و2015 و2016 الممولة من طرف نفس البنك بالاستناد إلى استراتيجيات "مؤقتة" لفترات تنفيذ لا تتعدى السنتين.

 

ولم تكن روزنامة التنفيذ في أغلب الأحيان متلائمة مع طبيعة الإصلاحات المطلوبة مما ترتب عنه تأجيل التنفيذ. فعلى سبيل المثال تطلب تنفيذ مقتضيات 17 إجراء إصلاحي تعلقت بقرض لدعم الميزانية لسنة 2011 إعادة إدراج أغلبها في اتفاقيات قروض برامج الإصلاحات للسنوات اللاحقة.

 

وخلافا لمقتضيات منشور الوزير الأوّل عدد 16 المؤرّخ  في 13 مارس 2001 والمتعلّق بإعداد مشاريع وبرامج التّنمية ومتابعة إنجازها لم تتول الوزارات المعنية ببرامج الإصلاحات مدّ كلّ من وزارتي المالّية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي بجملة الدراسات المتعلقة بهذه البرامج.

 

وأظهرت نتائج تنفيذ برامج الإصلاحات نقصا في دقة ضبط الفرضيات التي يتمّ على أساسها تحديد النتائج المرتقبة حيث تمّ وضع نسب نموّ منتظرة تبيّن فيما بعد عدم القدرة على بلوغها. فقد لوحظ في خصوص القرض المبرم مع صندوق النقد الدولي والمتعلق ببرنامج "الاستعداد الائتماني" أنّه تمّ وضع فرضيات غير دقيقة حيث لم تتجاوز خلال سنوات 2013 و2014 و2015 نسب النموّ بالأسعار القارة 2,3 %  و2,3 %  و1 % في حين حددّت التقديرات على التوالي بنسبة 4 %  و4,5 % و5 %.

 

ويتطلب تحقيق الجدوى المرجوة من الاقتراض الخارجي إحكام إعداد برامج الإصلاح ودراسة المشاريع من قبل الأطراف المتدخلة لا سيما وزارة المالية ووزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي والوزارات القطاعية والهياكل المنتفعة واعتماد فرضيات واقعية واستكمال كلّ الأعمال التحضيرية من تخطيط ودراسات قبل إبرام اتفاقيات القروض وحسن متابعة تنفيذ المشاريع والبرامج الإصلاحية المرتبطة بها.

 

- آجال صرف أقساط القروض

 

ساهم التأخير في تنفيذ الإصلاحات في عدم تعبئة موارد هامة لفائدة ميزانية الدولة في الآجال التي تمّ ضبطها. فقد شهدت مثلا السحوبات على قرض"اتفاق الاستعداد الائتماني" تأخيرا بلغ معدّله 118 يوما وعدم صرف أقساط مراجعات بقيمة 443,602 م.د. وشمل التأخير أساسا تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بدفع الاستثمار وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص وإجراءات إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية والتفليس.

وتأخر تنفيذ المراجعة الأولى والثانية من قرض "تسهيل الصندوق الممدّد " على التوالي بتسعة أشهر وبسنة. كما لم يتمّ إلى 30 جوان 2018 تنفيذ المراجعة الثالثة والرابعة علما بأنّ صرف قسطيهما حددا على التوالي في 30 سبتمبر 2017 و31 مارس 2018 وهو ما ترتب عنه عدم صرف ما يعادل             636 مليون دولار.

 

كما تم البدء في صرف أقساط القرض الأوّل من آلية الدعم المالي الكلي المبرم مع الاتحاد الأوروبي بعد ما يقارب 20 شهرا من طلب الحصول على التمويل. وتبيّن في هذا الخصوص أنّ إجراءات إبرام اتفاقية القرض استغرقت قرابة 12 شهرا وأنّ مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على هذه الاتفاقية تمّت بعد مضي قرابة 5 أشهر من تاريخ تلقي مشروع القانون.

 

وخلافا لاتفاقية القرض شهد صرف الأقساط تأخيرا  قارب معدله 17 شهرا حيث تمّ صرف القسط الثالث والأخير منه بعد 28 شهرا من التاريخ المتفق عليه وذلك خاصة نتيجة عدم تقديم مشروعي قانون لمجلس نواب الشعب يتعلقان تباعا بملاءمة الإطار المؤسساتي لمراقبة الأسواق مع التشريعات الأوروبية الخاصة بسلامة المنتجات الصناعية والغذائية وتعويض النظام الحالي للمواصفات بنظام جديد.

وتدعو الدائرة إلى التقيد بالجدول الزمني المتفق عليه لتنفيذ الإصلاحات قصد تعبئة الموارد لفائدة ميزانية الدولة وتفادي الضغوطات المترتبة عن التأخير في سحب الأقساط خاصة من حيث الاقتراض من السوق العالمية بكلفة مرتفعة مقارنة بالشروط الميسرة التي تمنحها هذه الآلية.

 

- نتائج قروض دعم الميزانية

 

لم يتم التوصل بخصوص برنامج الإصلاحات المتعلق بقروض دعم الميزانية لسنتي 2011 و2012 والبالغ جملتها 4.465 م.د إلى تحقيق 23 نتيجة من جملة 30 نتيجة منتظرة وذلك رغم تنفيذ معظم الإصلاحات. ورغم أهمّية الإصلاحات الواردة باتفاقية القرض المبرمة خلال شهر نوفمبر 2012 مع كلّ من البنك الدولي والبنك الإفريقي  للتنمية بقيمة  387مليون أورو فإنه لم يتم تفعيل أغلبها.

 

كما أنّه ورغم تعدد الإجراءات التي تمّ إقرارها  لتدعيم آليات التشغيل وتنمية آفاق الإدراج في الحياة المهنية خاصة بالنسبة إلى حاملي الشهائد العليا فإنّ الانتفاع بالتكوين اقتصر في موفى مدة البرنامج على 144.300 منتفعا مقابل 200.000 منتفع تمّ ضبطها. ولم يتوصل البرنامج إلى إدماج سوى 6.700 منتفع بسوق الشغل وهو ما يمثّل نسبة 5 % من عدد المنتفعين بالتكوين من حاملي الشهادات العليا. وفي المقابل، لم تتول وزارة التكوين المهني والتشغيل تركيز نظام لمتابعة وتقييم البرامج النشيطة للتشغيل. كما لم تتول تقييم برنامجي التشغيل "أمل1" و"أمل2" نتيجة غياب المعطيات والمؤشرات لمتابعة التنفيذ وتقييم الكلفة.

 

ولم يتوصل برنامج "سياسات التنمية المتعلقة بالحوكمة وخلق الفرص ومواطن الشغل" الممول بالقرض المبرم مع البنك الإفريقي للتنمية إلى تحقيق الأهداف المتعلقة بتحسين التأطير بالجهات والشراكة مع القطاع الخاص في مجال التكوين واعتماد إستراتيجية وطنية للتشغيل. كما لم يتم الحدّ من نسب البطالة المرتفعة خاصة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات العليا حيث استقرت نسبة البطالة لفئة الشباب في حدود 30,1 % في نهاية الثلاثية الثالثة من سنة 2017 وبلغ عدد العاطلين عن العمل من ذوي الشهائد العليا 270.000 عاطلا.

 

ويعزى ذلك أساسا إلى النقص في فعالية برامج التكوين والتأطير المعتمدة في الغرض حيث أنّ الحلول التي تمّ تقديمها بقيت ظرفية ولم تمكن من التخفيض بصفة متواصلة ودائمة في نسبة البطالة. 

وتبينّ من خلال نتائج تقييم اتفاقية قرض برنامج الاستعداد الائتماني أنّه لم يتم تنفيذ 22 إصلاحا من جملة 46 مدرج بالاتفاقية وهو ما ساهم في هشاشة استدامة التوازنات الخارجية. فقد بلغ العجز الجاري سنة 2016 نسبة 9 % مقابل 5 % سنة 2010.  ولئن شهدت مدّة تنفيذ اتفاقية القرض تحسنا في مستوى مؤشر عجز الميزانية من 6,9 % من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2013 إلى 5 % في سنة 2014 و4,8 % في سنة 2015 فإنّ ذلك كان نتيجة تراجع نفقات التنمية إلى 4.802 م.د (5,6 % من الناتج المحلي الإجمالي) سنة 2015.

 

ولوحظ أنّ إدراج المصادقة البرلمانية على مجموعة من النصوص ضمن اتفاقيات القروض كشروط لصرف الأقساط ساهم في تعطيل تنفيذ الإصلاحات الواردة بالبرنامج والتي فاق التأخير في المصادقة على البعض منها 3 سنوات. فقد شهدت المصادقة على النصوص المنظمة للمنافسة والشراكة بين القطاعين العام والخاص تأخيرا قارب السنتين وتجاوز هذا التأخير 3 سنوات في خصوص قانون الاستثمار.

 

ونتيجة لذلك تراجع مؤشر تنافسية الاقتصاد التونسي إلى المرتبة 95 من مجموع 138 بلدا في سنة 2016 بعد أن كانت في المرتبة 40 سنة 2011. وفي خصوص استقرار الاقتصاد الكلي تراجعت تونس إلى المركز 99 بعد أن كانت في المركز 97 وذلك نتيجة تراجع مؤشر عجز ميزانية الدولة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي بمقدار 15 مركزا ونسبة التضخم بثلاثة مراكز والدين العمومي بمركز.

 

ولم يتمّ تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بأنظمة التقاعد والتأمين على المرض التي تهدف إلى الحدّ من عجز الصناديق الاجتماعية والتخفيف من الأعباء السنوية لميزانية الدولة حيث            

 

وتؤكد الدائرة على ضرورة الالتزام باتفاقيات القروض المبرمة وفق الجدول المتفق عليه قصد تحقيق النتائج المرجوة من برامج الإصلاح في الآجال وتفادي اللجوء إلى الاقتراض الخارجي وخاصة لدى السوق المالية العالمية.

 

I - التصرف المالي في الدين العمومي الخارجي 

 

تستوجب حوكمة الدين العمومي ضبط إستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد توفق بين تلبية حاجيات الدولة لموارد الاقتراض وضمان الإيفاء بالتزاماتها بعنوان خدمة الدين بأقل تكلفة ممكنة مع الحفاظ على مستوى مقبول للمديونية. وشملت النقائص بهذا العنوان أساسا الجوانب المتصلة بضبط التقديرات المتعلقة بالدين العمومي الخارجي  وهشاشة الدين الخارجي والتصرف في المخاطر المتعلقة به.

 

أ‌-     ضبط التقديرات

 

ترتبط نجاعة ضبط التقديرات بعنوان الدين العمومي الخارجي قبضا وصرفا بحسن وضع أهداف إستراتيجية ومتابعتها وفق ما تنص عليه المعايير الدولية.

 

1-       إستراتيجية الدين العمومي

 

بالرغم من تنصيص الأمر عدد 2856 لسنة 2011 المؤرخ في 7 أكتوبر 2011 على ضرورة إعداد إستراتيجية تخص الدين العمومي بما يضمن ضبط حاجيات الدولة من موارد الاقتراض بكل دقة والتأكيد ضمن تقريري القدرة على الأداء لمهمة المالية لسنتي 2014 و2015 على ضرورة إعداد وثيقة رسمية لإستراتيجية الدين العمومي والعمل على تنفيذها وحسن متابعتها فإنّ هذه الوثيقة لم تصدر إلاّ في  سنة 2017. 

 

وساهم هذا التأخير في الحد من دقة ضبط الحاجيات المتصلة بالاقتراض والقدرة على تعبئتها وأدى إلى تزايد اللجوء إلى السوق المالية العالمية لتمويل الميزانية وذلك خاصة في ظل عدم كفاية الموارد الذاتية لتغطية نفقاتها.

 

وفي ظل غياب وثيقة الإستراتيجية تم وضع أهداف إستراتيجية ضمنت بتقارير القدرة على الأداء  وتعلقت خاصة بالحدّ من حصة القروض الخارجية واعتماد الصكوك الإسلامية والترفيع في مدة سداد قروض السوق المالية العالمية وإرساء وكالة الدين العمومي إلا أنه لم يتم تحقيقها. فقد مثل الدين العمومي الخارجي حوالي 69% من حجم الدين العمومي الجملي في سنة 2017 مقابل 65 % في سنة 2016 و58 %  في سنة 2011. 

وأقر القانـــون عدد 30 لسنــة 2013 المؤرخ في 30 جويلية 2013 العمل بالصكوك الإسلامية. وأكّدت التقارير السنوية للقدرة على الأداء لسنتي 2014 و2015 والميزان الاقتصادي لسنة 2016 والمجلس الوزاري المضيق المنعقد بتاريخ 10 سبتمبر 2015 على أهمية إصدار هذه الصكوك بالسوق المحلية والعالمية وعلى ضرورة التسريع في الإجراءات المتعلقة بها قصد التنويع في مصادر تمويل ميزانية الدولة. كما تضمنت قوانين المالية للسنوات المعنية بنودا بخصوص إصدار الصكوك الإسلامية على السوق العالمية. غير أنه لم يتم تفعيل هذه الآلية وذلك لعدم إصدار النصوص التطبيقية.

 

وبلغت مدة سداد القروض على السوق المالية العالمية 5 سنوات في سنة 2016 مقابل حوالي 17 سنة قبل سنة 2011. وتجدر الإشارة إلى أن معدل مدة سداد القروض الداخلية والخارجية بلغ              7 سنوات حسب وثيقة إستراتيجية الدين.  ويؤثر هذا التراجع  سلبا على مؤشر إعادة التمويل(1).

 

وتوصي الدائرة بالعمل على تجسيم الأهداف الإستراتيجية ومتابعة تنفيذها بما يساهم في تحسين مؤشرات المديونية وفي التقليص من التداين الخارجي والحفاظ على التوازنات العامة.

 

2-            دقة التقديرات

 

يتم ضبط موارد الاقتراض الخارجي، ضمن الميزان الاقتصادي أساسا بالاعتماد على فرضيات تتعلق بالعجز الجاري لميزان الدفوعات وبمستلزمات تسديد أصل الدين بالإضافة إلى المحافظة على احتياطي العملة في حدود معقولة. وتتولى الإدارة العامة للتصرف في الدين والتعاون المالي ضبط التقديرات بقوانين المالية بخصوص خدمة الدين وموارد الاقتراض. وبالرغم من اللجوء شبه الآلي لقوانين مالية تكميلية خلال السنوات الأخيرة، تواصل وجود فوارق بين تقديرات موارد الاقتراض وإنجازاتها مما يترجم عدم الدقة في ضبط تقديراتها.

 

واستنادا إلى المنهجية المعتمدة في إطار "برنامج النفقات العمومية والمساءلة المالية"(2) الذي يقيم نجاعة أداء الإدارة اعتمادا على سلّم يتضمن خمس مستويات (A B C D* D)،كان ترقيم البلاد التونسية بخصوص إنجاز تقديرات موارد الاقتراض في أغلب الأحيان في مستوى منخفض D*.

 

وتفسّر هذه الفوارق بإدراج موارد تمت تعبئتها خلال سنة مالية ما ضمن موارد سنوات مالية أخرى قصد التقليص من عجزها وذلك فضلا عن اعتماد فرضيات غير دقيقة. 

ويذكر في هذا الخصوص أن عدم تحصيل قروض لدعم الميزانية بمبلغ 1.550 م.د             سنة 2013 يعود إلى عدم التقيد بالجدول الزمني لسحب الأقساط، حيث لم تتجاوز السحوبات            76 م.د. وأفادت وزارة المالية أن تعبئة هذه الموارد مرتبط بإنجاز الإصلاحات المرفقة باتفاقيات القروض. وأضافت أنه يتم تحديد قيمة موارد الاقتراض حسب العجز المستهدف وبالتالي فإن مراجعة هذا الأخير ينجر عنه مراجعة مبلغ موارد الاقتراض.

 

كما يذكر أن تسديد قرض السوق المالية بضمان قطر بمبلغ 500 مليون دولار المستحق في 15 أفريل 2017 تطلب إصدار قرض ثان بضمان نفس الدولة (بقيمة 1000 مليون دولار وبفائدة بنسبة 3,5 % ).

 

أمّا بخصوص القروض الخارجية الموظفة فيرجع نقص الدقة لعدم مدّ الوزارات المعنية وزارة المالية بتقديرات المشاريع قيد الإنجاز أو التي تم البدء في إنجازها. وأفادت وزارة المالية أن ضبط التقديرات يكون حسب رزنامة تنفيذ المشاريع. إلا أن التنفيذ يصطدم بعدة عراقيل خارجية لا يمكن التنبؤ بها كالإضرابات وامتناع المواطنين عن انتزاع أراضيهم بالإضافة إلى عدم جاهزية العديد من المشاريع للتنفيذ.

 

وتؤكد الدائرة على ضرورة الالتزام بالجدول الزمني لسحب القروض الخارجية خاصة منها تلك المتعلقة بدعم الميزانية لتفادي الضغوطات التي يمكن أن تترتب عنها والمتمثلة خاصة في الاقتراض من السوق العالمية أو في امتصاص السيولة الموجودة بالسوق المالية الداخلية.

 

ب‌-         هشاشة الدين العمومي الخارجي

 

يعتبر تضخم المديونية وتطور هيكلتها من حيث مصادر القروض وشروط إبرامها وتزايد اللجوء إلى السوق المالية العالمية من أهم العوامل التي من شأنها أن تزيد من هشاشة الدين العمومي الخارجي.

 

1-            تطور مؤشرات المديونية 

 

أشارت التقارير السنوية للقدرة على الأداء لمهمة المالية للسنوات السابقة إلى أن ارتفاع نسبة الدين العمومي الخارجي مقارنة بإجمالي الدين العمومي إلى أكثر من 50 % من شأنه أن يؤثر على استدامته وإلى ضرورة التقليص منه كي لا يصبح عبئا على الدولة.

 

واستنادا إلى معيار الأنتوساي 5411 حول مؤشرات الدين العمومي(1) الذي يمكن من تقييم مدى هشاشته تبين أن المديونية بلغت مستويات مرتفعة خاصة ابتداء من سنة 2015. ويبرز الرسم البياني التالي تطور أهم المؤشرات المتعلقة بالدين العمومي الخارجي والمتمثلة في الالتزامات والاستعمالات والدين الباقي للتسديد خلال الفترة 2011- 2016  :

 

 

 

بلغ الدين العمومي الخارجي 36.413,400 م.د في سنة 2016 وحوالي 46.644 م.د في            سنة 2017. وبالرغم من توقع تراجع اللجوء للاقتراض الخارجي بداية من سنة 2015 ضمن الميزان الاقتصادي لسنة 2013 فإنه ارتفع بقيمة 8,76 نقطة مقارنة بالسنة  المذكورة. وبلغت نسبة تطور نسبة التداين ما معدله 17 نقطة خلال الفترة 2011-2016 ليبلغ حوالي  62 % في سنة 2016. ويعود ذلك إلى اللجوء المتزايد للاقتراض الخارجي بهدف الحفاظ على التوازنات العامة من حيث عجز الميزانية وميزان الدفوعات خاصّة في ظل الظروف الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. كما ساهم في هذا اللجوء تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تشكل بديلا للتداين سواء لتمويل عجز الميزان الجاري أو لتمويل الاقتصاد إلى 27,5% من جملة التمويل الخارجي متوسط وطويل الأجل في سنة 2016 مقابل معدل سنوي قدره 46,2   % خلال الخماسية 2006-2010.  ويبين الرسم التالي تطور عجز ميزانية الدولة وموارد الاقتراض بالمليون دينار خلال الفترة 2011- 2016 :

 

 

 

ويقوم صندوق النقد الدولي دوريا بتقييم هشاشة ديون البلدان النامية استنادا إلى جملة من المؤشرات. وتستند الجهات المانحة إلى تقارير هذا الصندوق لتقييم الوضعية الاقتصادية والمالية للبلد المعني وإقرار شروط إسناد القروض. وأكد هذا الأخير(1) على أنّه في صورة تخطي المديونية العمومية عتبة 60 % يجب القيام بتحاليل أكثر دقة للحد من المخاطر المتعلقة بالإفراط في المديونية والاعتماد على مجموعة أكبر من المؤشرات.

 

واستنادا إلى هذا التصنيف، فاق مؤشر نسبة التداين العمومي ومؤشر حجم الديون العمومية مقارنة بجملة الموارد المستويات الموصى بها. ومن شأن هذا الوضع أن يؤثر على التوازنات المالية للبلاد وعلى العبء المحمول على الأجيال القادمة.

 

وتبين من المعطيات المستقاة من منظومة سياد أن تسديد القروض المبرمة إلى غاية            31 ديسمبر 2016 سيتواصل إلى سنة 2055. ويبين الرسم الموالي توزيع الالتزامات بعنوان القروض الخارجية إلى موفى 2016  :

 

 

 

 

 

 

م.د

 

 

كما أن ميزانية الدولة ستواجه ضغوطات خاصة خلال سنتي 2021 و2025 تتمثل في تسديد ما يعادل ألف مليون دولار بعنوان كل سنة. ومن شأن هذا الوضع أن يحدّ من هامش الحرية في اختيار تاريخ الاستحقاق بالنسبة إلى قروض السوق المالية العالمية المزمع إصدارها خاصة في ظل تواتر اللجوء للاقتراض منها منذ سنة 2012.

 

وأكّدت تقارير القدرة على الأداء للإدارة العامة للدين والتعاون الدولي للسنوات من 2014 إلى 2017 على أن التقليص من مخاطر التداين الخارجي يتطلب التخفيض في مناب الدين الخارجي وتنويع عملات التداين والتخفيض من نسب الفائدة المرتبطة بالقروض ذات نسب الفائدة المتغيرة والتمديد في فترة السداد.

 

 فقد بلغ مناب الدين العمومي الخارجي والدين الخارجي بنسبة فائدة متغيرة على التوالي          65 % و24 %  علما بأن الأسقف التي وقع تحديدها لسنة 2016 كانت على التوالي في حدود 50 %                 و16 %. ويعود ذلك خاصة إلى تضاعف قروض السوق المالية العالمية بحوالي ثلاث مرات مقارنة بسنة 2011 لتبلغ 12.239,300 م.د سنة 2016 وارتفاع القروض متعددة الأطراف من 7.381,600 م.د                سنة 2011 إلى 18.153 م.د سنة 2016(1).

 

كما بلغ معدل مدة سداد القروض 7,39 سنة في 2016 مقابل 8,9 في 2011. ويعود ذلك إلى تدهور الترقيم السيادي الذي أدى إلى إبرام قروض بالسوق المالية العالمية تراوحت مدة سدادها بين 5 و10 سنوات.

وبلغ مؤشر إعادة التمويل ومؤشر إعادة التسعير(1) مستويات دون المأمول حيث بلغت نسبة إعادة تمويل القروض لسنة واحدة 9 % سنة 2016 وهو ما يمثل 3.451 م.د متجاوزة بذلك النسبة التي وقع ضبطها في حدود 8 % . كما أنه ابتداء من سنة 2016 أصبح مؤشر إعادة التسعير (5,49 سنة) أقل من المستوى المرجوّ (6 سنوات). ويفسر ذلك بتراكم المبالغ المستحقة للدين الخارجي خلال السنوات الأخيرة من ناحية وبتنامي القروض الخارجية ذات نسبة فائدة متغيرة من ناحية أخرى.

 

وساهمت هذه الوضعية في تدهور الترقيم السيادي لتونس الذي تراجع من BBB مع آفاق سلبية في بداية 2011 إلى BB - مع آفاق سلبية في موفى 2016 ثم إلى B + مع آفاق مستقرة سنة2017 حسب وكالة فيتش. وبالرغم من التخفيضات المتتالية لهذا الترقيم بسبب تراجع الاستثمار ونسبة النمو وتضخم المديونية وتأثير ذلك على مناخ الأعمال(2)، فإنه لم يتم التوصل إلى تحسين مؤشرات المديونية.

 

وأمام تفاقم المديونية الخارجية تدعو الدائرة إلى ترشيد اللجوء إلى التداين الخارجي من خلال مزيد تعبئة الموارد الذاتية وتفعيل آليات تمويل جديدة وتنشيط السوق الثانوية.

 

وأفادت وزارة المالية في ردها بأن تحسين مؤشرات المديونية مرتبط أساسا بتحسن عجز الميزانية والنمو واستقرار الدينار تجاه عملات التداين وعجز الميزان الجاري وأنه يتعين في هذا الإطار بعث إطار قانوني جديد للدين العمومي يساهم في حسن تنفيذ إستراتيجية التداين من جهة والحد من كلفته من جهة أخرى.

 

2-            قروض السوق المالية العالمية 

 

بلغت قروض السوق المالية العالمية 12.239,3 م.د في موفى سنة 2016 وهو ما يمثل حوالي           34 % من القروض الخارجية. وتوزعت بين 81 % قروض مضمونة (بضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي والحكومة الأمريكية وقطر) و19 % قروض غير مضمونة.

 

ومقارنة بالقروض الثنائية والقروض متعددة الأطراف الموجهة لدعم الميزانية تعتبر كلفة الاقتراض من السوق المالية العالمية مشطّة حيث فاقت هذه المصاريف بخصوص القرض بضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي نسبة 13 % من قيمة القرض(3)

وساهم تراجع الترقيم السيادي لتونس في ارتفاع كلفة الاقتراض من السوق المالية العالمية حيث بلغ معدل نسبة الفائدة بخصوص القروض الرقاعية المضمونة 2,0492 % خلال الفترة              2011-2016 في حين بلغت فائدة القرض الرقاعي غير المضمون الصادر في سنة 2015 ما نسبته              5,75 %.

 

وتقتضي أفضل الممارسات الدولية التأكد من الحفاظ على الترقيم السيادي(1) قبل انطلاق عملية الإصدار. إلا أن إصدار القرض الرقاعي في 17 فيفري 2017 تزامن مع تراجع هذا الترقيم (بتاريخ 3 فيفري 2017) والذي انتقل من BB - مع آفاق سلبية إلى B + مع آفاق مستقرة.

 

وبلغ معدل مدة إصدار القروض الرقاعية بضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا) 10 سنوات خلال الفترة 2011-2016 مقابل 15,83 سنة قبل سنة 2011 وكان معدل مدة إصدار القروض الرقاعية بضمان الحكومة الأمريكية في حدود 6,33 سنة خلال الفترة 2011-2016 مقابل 16,67 سنة قبل سنة 2011.

 

وتدعو الدائرة في هذا الإطار إلى ضرورة ترشيد الاقتراض من السوق المالية العالمية والحد من كلفتها نظرا لصيغة تسديدها الذي يتم دفعة واحدة مما من شأنه أن يعرض الدولة إلى مخاطر إعادة التمويل.

 
طباعةالعودة